(…قال إن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ به الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون).
جاء في رواية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (يا عمر ابن الخطاب أتدري من أنا؟ أنا الذي خلق الله أول كل شئ نوري، فسجد له فبقي في سجوده سبعمائة عام، فأول كل شئ سجد له نوري ولا فخر.يا عمر أتدري من أنا؟ أما الذي خلق الله العرش من نوري والكرسي من نوري واللوح والقلم من نوري، والشمس والقمر من نوري، ونور الأبصار من نوري والعقل الذي في رؤوس الخلائق من نوري، ونور المعرفة في قلوب المؤمنين من نوري ولا فخر) (شرح الشمائل المحمدية: 1 /، 49، ولوامع أنوار الكواكب الدري: 1 / 13) وفي حديث مستفيض: (كنت أول الأنبياء (الناس) في الخلق وآخرهم في البعث) (كنز العمال: 11 / 452 ح 32 1 2 6، والجامع الصغير: 2 / 162، والطبقات الكبرى: .الحقيقة المحمدية هي حقيقة بسيطة، يعني حقيقة كلية جامعة لكل بداية ونهاية وهي كذلك القائمة بكل شيء.من عرف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عرف معه كل شيء وأدرك نفسه.الحقيقة المحمدية هي ذلك النور الإلهي المطلق الرحماني الذي كان أويس القرني رضوان الله عليه يراه بين الأرض والسماء ،فأويس الساكن أرض اليمن لم يلتقي قط بجسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنه رأى حقيقة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ونوره الأبهر في حقيقة الأمر ، بينما الذين جاورت أجسادهم جسد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم انقلبوا على أعقابهم بمجرد خروج هذا الجسد الشريف الطاهر المطهر من دار الغرور إلى دار البقاء.الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم نوره ملأ أركان الوجود كله في قوله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )).الرسالة الخاتمة المحمدية هي رسالة وجودية مطلقة في كل العوالم، لذا فهي خاتمة وشاملة ومهيمنة وجامعة وباقية بقاء الحي القيوم تقدست أسماؤه في العالمين.فسلام الله على رسولنا الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كما سلم وصلى عليه الله ..
الرسالة المحمدية التشريعية ختمت بنزول الفرقان العظيم على مدى 23 سنة من حياة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم غير أن حقيقة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هي مستمرة وباقية ومطلقة لأنها خارجة عن حدي الزمان والمكان.معرفة النفس هي ذاتها معرفة حقيقة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن عرف نفسه عرف رسوله ومن عرف رسوله عرف إمامه ومن عرف إمامه عرف ربه.((أَللّهمَّ عرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ، أَللّهمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، أَللّهمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي.)) دعاء زمن الغيبة.العرفاء المحققين الذين تحيرت قلوبهم في بحر الحقيقة الإلهية الأحدية لا يرون إلا الحقيقة المحمدية سارية في كل نفس وتجل ومكان وآن.يا من ملأت حقيقته لب كل شيء وجوهر كل شيء، يا من به يدرك كل شيء، أعني على أن أكون موافقا لحقيقة رسولك الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، حجابك الأعظم ونورك الأبهر الأبهج بحق رسولك الأعظم وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام ،تلك البيوت المرفوعة والنفوس الطاهرة التي بهم فتحت وبهم ختمت ،عميت عيون الحاقدين وأبصرت قلوب العارفين الوالهين.
لم تقابل الألوهة بالعبودية الكاملة إلا مع رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، فهو عبده ورسوله.عندما نعرض المرآة لأشعة الشمس تعكس بقدر مساحة سطحها ضوء الشمس.( قانون في الفيزياء البصرية).العبودية هي المرآة والألوهة هي الشمس فهذا مثال يقرب المعنى من جهة ويبعده من جهة أخرى فليس المعنى الحقيقي كما هو في هذا المثال.توحيد الله حقيقة هو توحيد رسولنا الأعظم صلى الله عليه واله وسلم، لذا جاءت الاية الكريمة بهذا المعنى (( فاتبعوني يحببكم الله )).كيف نتبع رسولنا الأعظم صلى الله عليه واله وسلم؟على طول 20 سنة جلست مع كل الجماعات الإسلامية وجميع الطرق الصوفية وجميع اتباع مراجع الشيعة رحلة طويلة جدا وشاقة في سبيل محبة رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ،فما وجدت محبة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم إلا في الوحدة والطبيعة وعلى لسان رعاة الأغنام.الكل يحب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فحبه مفطور عليه الإنسان والمكان والزمان.راعي الأغنام يذكرني برحلة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم من الطفولة إلى سن الأربعين والوحدة تذكرني بوحدته في غار حيراء. والطبيعة تختزل في كياني زوجته خديجة الكبرى عليها السلام، فالطبيعة إمراة كبيرة.لقد حيرني ثغرك المبتسم المشرق يوم رأيتك في سبيل المحبة الإلهية، يومها غرقت في بحرك السرمدي المحمدي في سر سرك الأوحدي، يا حبيبا ما فارقنا ، ويا مرشدا ما تركنا ، ويا إنسانا كلم ذاتنا في ذاتنا. فباحت من روح الوحي بكل علم وسر وحياة، كتبت بدمع ما قالته محبة فينا وما أوجبته حقيقتك في سر وجودك فينا، فسلام المحبة عليك يا حبيب الله وعبده وحقيقته.
ولد الهدى فالكائنات ضياء ***وفم الزمان تبسم وثناء
الشاعر الكبير أحمد شوقي
وسر الزمان منتظر لظهور/// فيه حقائق أحمد ما ظهرت .وفيه سر مبتهج له الرسول/// ففيه الختم وفيه البركات.
الحقيقة ذات مراتب مشككة.الشك مرض روح.الشرك مرض القلب.الشك والشرك مرضان لا يستطيع معهما أي شخص معرفة أي حقيقة، مهما كانت أو تكون.الشريعة الخاتمة المحمدية جاءت لبناء الإنسان الإلهي القويم لتلقي السر الإلهي، لذا نجد علماء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الذين جمعوا بين الظاهر والباطن يقولون كلاما قد لا يصدقه الكثير من العباد حيث قالوا (( جزنا بحارا وقف عند ساحلها الأنبياء والرسل)).فبقدر الفتنة التي يشعر بها الإنسان في قرننا هذا نجد في المقابل أناس قد تعمقوا في أسرار التوحيد الإلهي.كل من تعمق في التوحيد الإلهي يصطلم بالحقيقة الأحمدية المحمدية التي تفرض على الإنسان السالك العارف كما تفرض عليه نظرية وحدة الوجود التوحيدية وكل من لا يقول بذلك فهو إما يستعمل التقية وإما أنه غير واصل إلى حقيقة التوحيد الإلهي.الحب المفرط العاطفي الروحاني لشخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ليس هو الحقيقة التي نتكلم عنها في الحقيقة المحمدية فمن وصل إلى هذا الحب المفرط العاطفي الروحاني قد يكفر كل من يقول بوحدة الوجود، فالحقيقة ذات مراتب مشككة فرغم أن هذا الشخص حصَّل في حبه هذا على مقام رفيع جدا جدا جدا إلا أن حجاب المحبة يحجبه عن رؤية أمور أخرى غاية في الدقة والسرية والخلوص.لذا نجد أصحاب وحدة الوجود يبتهجون غاية الابتهاج كلما رأوا شخصا مؤمنا بالله يسبهم ويشتهمهم، ففي ذلك سرهم وخلوصهم.من آمن بالله الأحد الصمد وحده يصل إلى وحدة وجودية إيمانية فالعلو الشامخ يراه الكثير من المؤمنين كفر لاستحالة كشف ما هم عليه أصحاب هذا الإيمان الشامخ في سماء الحقيقة المحمدية الأحمدية، فالباكستاني يرى من يلعب كرة القدم إنسان تافه لأنه هو بطل العالم في كريكيت.
من أراد معرفة ماذا تعني الحقيقة المحمدية حقا؟، عليه أن يجرب الصلاة على النبي وآله تحت إشراف مرشد روحاني متحقق ليدرك في باطنه هذه الحقيقة الغائبة الحاضرة في الواقع.الصلاة على النبي بقلب تملؤه المحبة الوجودية الإلهية توصل المريد السالك العارف إلى أقصى مقامات القرب الإلهي فيصير محبوبا من الله.الله كان باطنا ثم ظهر، بالخلق أولا ثم بالصفات والأسماء.(( الحمد لله رب العالمين )).محبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تخرج الإنسان المحب من حدي الزمان والمكان ،فيكون قبل أن يكون.عندما تكون قبل أن تكون تدرك في هذا، سر حقيقتك الأزلية فتعطفها على سر حقيقتك الأبدية فتخرج من الدهر كله.”سكرنا من قبل أن يخلق الكرم” هي مقولة المحبين العاشقين لأنهم رأوا أعيانهم في العهد الأول الإلهي.هذا الإنسان الأرضي التائه في العولمة هو طفل الوجود كله ،مسكين لا يعلم ماذا يجري بالضبط ، يظن أنه وصل إلى رشده وهو في نقطة الصفر يلهت تحت قهر سلطان الوهم.لقد خلق الله ألف آدم وألف عالم، وخلق الخلق قبل أن يخلقه. وخلق ثماني عشر ألف عالم، وكل هذا الخلق الإلهي إلى ذاك الجمال المحمدي هو سائر.((اللهمَّ صلِّ على مَنْ منهُ انشقَّت الأسرارُ ، وانفلقَتِ الأنوارُ ، وفيهِ ارتقَتِ الحقائقُ ، وتنـزَّلتْ عُلومُ آدمَ فأعجزَ الخلائقَ ، ولهُ تضاءَلتِ الفُهومُ فَلمْ يُدْرِكْهُ منّا سابقٌ ولا لاحِقٌ ، فرياضُ الملكوتِ بزهرِ جماله مونِقةٌ ، وحياضُ الجبروتِ بِفيضٍ أنوارِهِ مُتدفّقةٌ ، ولا شيءَ إلا وهوَ به منوطٌ ، إذ لولا الواسِطةُ لذهَبَ كما قيلَ الموسوطُ ، صلاةً تليقُ بكَ مِنكَ إليهِ كما هو أهلهُ …)) الصلاة المشيشية للقطب المغربي عبد السلام بن مشيش الساكن جبل العلم.
إن المقصود بالحقيقة المحمدية عند جميع العرفاء المحققين هي معرفة الإنسانية الكبرى الكاملة المتمثلة في إسم الله الجامع محمد صلى الله عليه وآله وسلم.فحقيقة الدين الإسلامي هي حقيقة الإنسان ومقامات الصلاة هي مقامات الإنسان كذلك.( انظر لكتاب الأداب المعنوية للصلاة للمقدس المجاهد الخميني رضوان الله عليه ).فبقدر التعرف على الصلاة بعد التعرف على القرآن يتعرف الإنسان على إنسانيته الكاملة بشفاعة الإنسان الكامل الإلهي.يقول الشيخ الأكبر ابن عربي (رضوان الله عليه):”الوجود كله هو الحقيقة المحمدية ، وإن النزول منها إليها وبها عليها ، وإن الحقيقة المحمدية في كل شيء لها وجهان : وجه محمدي ، ووجه أحمدي .
فالمحمدي : علمي جبرائيلي ، والأحمدي : إيماني روحي أمي ،وإن التنزيل للوجه المحمدي ، والتجلي للوجه الأحمدي .” انتهى كلامه.كل من دخل في الإسلام الكوني التسليمي لقدرة الله الصانعة في الخلق كل كرامة يرى نفسه في صنع أخر كله تجليات إلهية مشاهدا الإسم الإلهي في باطنه قبل رسمه في ظاهره فيخرج من العدم الظاهر إلى التعين المكلف في انجاح أسمائه تعالى.كل من لم يخرج من ظلمات العدم يرى الحقيقة المحمدية وكل النظريات العرفانية ضرب من الكفر والزندقة والتهريج لمسخ الشريعة أو لتقويد الدين. فالسر لا يطاق ،كما لا يطاق أكل العسل مع علة الجسد.يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (((ما أوذي نبي مثل ما أوذيت). صدق رسول الله.كل كلام الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هو وحي يوحى ،وما ينطق عن الهوى، وما جاء إلا رحمة للعالمين .الرسول الأعظم صلى الله عليه آله وسلم هو الرحمة الرحمانية المطلقة وهو ناطق بإسم الله وباسمه الجامع عالما بدقائق الأمور. ومع ذلك نجد من كان يعترض عليه ويقول أن- نبينا يهجر-.لقد أوذي الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في بضعته الزهراء سلام الله عليها ،وفي وصه علي أمير المؤمنين عليه السلام وفي ابنه الحسن عليه السلام وفي حبيبه الحسين عليه السلام.لم يشهد تاريخ الوحي الإلهي، أن نبيا أوذي مثل هذا الأذى ، لقد كان هذا الأذى كبيرا وشاملا لكل من يحبه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.عندما افتتن أتباع الدين الإسلامي بالدنيا والقصور والجواري ، هاجر أولياء الله إلى باطن الدين الإسلامي فوجدوا الرحمة العالمة العارفة الشاملة الجامعة المانعة، فرجعوا بالحب الإلهي والمحبة الإنسانية لمن أرادوا تخريب أخر رسالة سماوية شاملة ومخلصة.فعندما حوصر الدين الإسلامي ظاهريا كان العرفاء يوسعون الدين الإسلامي باطنا، فوالله لن يمحوا ذكر الله ولا ذكر أهل البيت عليهم السلام فمشيئة الله هي المشيئة وهي قلب أولياء الله كذلك.(( اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَيْنِ ذَاتِكَ العَلِيَّةِ، بِأَنْوَاعِ كَمَالاَتِكَ البَهِيَّةِ فِي حَضْرَةِ ذَاتِكَ الأَبَدِيَّةِ، عَلَى عَبْدِكَ القَائِمِ بِِكَ مِنْكَ لَكَ إِلَيْكَ بِأَتَمِّ الصَّلَوَاتِ الزَّكِيَّةِ، المُصَلّي ِفِي مِحْرَابِ عَيْنِ هَاءِ الهُوِيَّةِ، التَّالِي السَّبْعَ المَثَانِي بِصِفَاتِكَ النَّفْسِيَّةِ، المُخَاطَبِ بِقَوْلِكَ لَهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ، الدَّاعِي بِكَ لَكَ بِإِذْنِكَ، لِكَافَّةِ شُؤُونِكَ العلمِيَّةِ، فَمَنْ أَجَابَ اصْطَُفِيَ وَقُرِّبَ، المُفِيضِ عَلَى كَافَّةِ مَنْ أَوْجَدْتَهُ بِقَيُّومِيَّةِ سِرِّكَ المَدَدِ السَّارِي فِي كُلِيَّةِ أَجْزَاءِ مَوْهِبَةِ فَضْلِكَ، المُتَجَلِّى عَلَيْهِ فِي مِحْرَابِ قُدْسِكَ وَأُنْسِكَ، بِكَمَالاَتِ أُلُوهِيَّتِكَ فِي عَوَالِمِكَ وَبَرِّكَ وَبَحْرِكَ . فَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ صَلاَةً كَامِلَةً تَامَّةً بِكَ وَمِنْكَ وَإِلَيْكَ وَعَلَيْكَ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِ سَلاَماً تَامّاً عَامّاً شَامِلاً، لأَنْوَاعِ كَمَالاَتِ قُدْسِكَ، دَائِمَيْنِ مُتَّصِلََيْنِِ عَلَى خَلِيلِكَ وَحَبِيبِكَ مِنْ خَلْقِكَ، عَدَدَ مَا فِي عِلْمِكَ القَدِيمِ، وَعَمِيمِ فَضْلِكَ العَظِيمِ، وَنُبْ عَنَّا بِمَحْضِ فَضْلِكَ الكَرِيمِ، فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ صَلاَتَكَ التِي صَلَّيْتَ عَلَيْهِ فِي مِحْرَابِ قُدْسِكَ وَهُوِيَّةِ أُنْسِكَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَةِ رَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ تَسْلِيماً عَدَدَ إِحَاطَةِ عِلْمِكَ.)) .
الصلاة الغيبية في الحقيقة الأحمدية————-****************————
*الصحبة عند العرفاء هو كل من عرف حقيقة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وجدانا والصحابة كذلك يقصد بها نفس المعنى.
في ذكرى رحيل رسولنا الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم
في 27 صفر
من معجزات النبي الاكرم صلى الله عليه و آله وسلم
القرآن الكريم
وانزل الله تعالى على نبيّه حين بعثه بالنبوّة قرآناً عربيّاً مبيّناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد أعجز النبي(صلى الله عليه وآله) به البلغاء وأخرس الفصحاء وتحدّاهم فيه فلم يستطيعوا معارضته وهم أفصح العرب بل واليهم تنتهي الفصاحة والبلاغة، وقد حوى هذا الكتاب العزيز المنزل من لدن حكيم عليم من أحكام الدين وأخبار الماضين وتهذيب الاخلاق والأمر بالعدل والنهي عن الظلم وتبيان كل شيء ما جعله يختلف عن كل الكتب حتّى المنزّلة منها وهو ما يزال يتلى على كر الدهور ومر الأيام وهو غض طري يحيّر ببيانه العقول ولا تملّه الطباع مهما تكررت تلاوته وتقادم عهده. وقد كان القرآن الكريم معجزة فيما أبدع من ثورة علمية وثقافية في ظلمات الجاهلية الجهلاء وقد أرسى قواعد نهضته على منهج علمي قويم، فحثّ على العلم وجعله العامل الأوّل لتسامي الانسان نحو الكمال اللائق به وحثّ على التفكير والتعقّل والتجربة والبحث عن ظواهر الطبيعة والتعمق فيها لاكتشاف قوانينها وسننها وأوجب تعلّم كل علم تتوقف عليه الحياة الاجتماعية للانسان واهتم بالعلوم النظرية من كلام وفلسفة وتاريخ وفقه وأخلاق، ونهى عن التقليد واتباع الظن وأرسى قواعد التمسك بالبرهان. وحثّ القرآن على السعي والجد والتسابق في الخيرات ونهى عن البطالة والكسل ودعا الى الوحدة ونبذ الفرقة. وشجب العنصرية والتعصبات القبلية الجاهلية. وأقرّ الاسلام العدل كأساس في الخلق والتكوين والتشريع والمسؤولية وفي الجزاء والمكافاة، وهو أوّل من نادى بحق المساواة بين أبناء الانسان أمام قانون الله وشريعته وأدان الطبقية والتمييز العنصري وجعل ملاك التفاضل عند الله أمراً معنويّاً هو التقوى والاستباق الى الخيرات، من دون أن يجعل هذا التفاضل سبباً للتمايز الطبقي بين أبناء المجتمع البشري. وبالغ الاسلام في حفظ الأمن والمحافظة على الأموال والدماء والأعراض وفرض العقوبات الشديدة على سلب الأمن بعد أن شيّد الارضية اللازمة لاستقرار الأمن والعدل وجعل العقوبة آخر دواء لعلاج هذه الأمراض الاجتماعية بنحو ينسجم مع الحرية التي شرّعها للانسان. ومن هنا كان القضاء في الشريعة الاسلامية مرتكزاً على إقرار العدل والأمن وإحقاق الحقوق المشروعة مع كل الضمانات اللازمة لذلك. واعتنى الاسلام بحفظ الصحة والسلامة البدنية والنفسية غاية الاعتناء وجعل تشريعاته كلها منسجمة مع هذا الأصل المهم في الحياة.
مجيء الشجرة إليه
مجيء الشجرة إليه قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة القاصعة: (وكنت معه ـ مع النبي ـ لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له: يا محمد إنك قد أدعيت عظيماً لم يدعه آباوك ولا أحد من أهل بيتك ونحن نسألك أمراً إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا إنك نبي ورسول وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب فقال (صلى الله عليه وآله) لهم: وما تسألون قالوا: تدعوا لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف ما بين يديك فقال (صلى الله عليه وآله) : (إن الله على كل شيء قدير فإن فعل الله ذلك لكم أتأمنون وتشهدون بالحق؟) قالوا نعم قال: فإني سأريكم ما تطلبون وإني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير… ثم قال (صلى الله عليه وآله) : (يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله) فو الذي بعثه بالحق انقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله مرفوفة.. فقلت أنا: لا إله إلاّ الله إني أول مؤمن بك يا رسول الله وأول من أقر بأن الشجرة فعلت بأمر الله تعالى تصديقاً لنبوتك فقال القوم كلهم بل ساحر كذاب عجيب السحر خفيف فيه وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا يعنونني).
اطعام النفر الكثير بزاد قليل
وإنه (صلى الله عليه وآله) أطعم النفر الكثير في منزل جابر الأنصاري وفي منزل أبي طلحة ويوم الخندق بزاد قليل فمرة أطعم ثمانين رجلاً من أربعة أمداد شعير أما في يوم الخندق أكثر من سبعمائة رجل أكلوا من زاد جابر الأنصاري ببركة النبي (صلى الله عليه وآله) وكتب الحديث مليئة بالتفصيلات في مسألة الإطعام.
شفاء المرضي علي يديه (ص)
وقد أشفى الله المرضى على يديه والأمراض هذه مختلفة وأبرز مثل في تأريخنا الإسلامي ما ورد في يوم خيبر حيث كان الإمام علي (عليه السلام) أرمد العين فتفل (صلى الله عليه وآله) في عينيه ودعا له وقال: (اللهم أذهب عنه الحر والبرد) فما وجد حراً ولا برداً وكان يخرج في الشتاء في قميص واحدٍ كما في الروايات. وهذه الظاهرة العظيمة لا زالت ترافق الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لمن يلوذ به طالباً حاجة بقلب صادق ومصلحة يعلمها الله سبحانه تقضى تلك الحاجة سواء كانت طبية أو نفسية وبالفعل أصبحت أضرحة النبي وآل بيته من الأئمة الأطهار مستشفيات خاصة للظروف الطارئة وغالباً تستعمل حين ييأس الأطباء من مداواتهم والأمثلة على هذه القضية لا تعد ولا تحصى.
تعاليت عن مدحي بقية ربنا فما قيل في علياك قد كنت ارفعا
ولولاك ساخت بالخليقة ارضنا واضحت بطون الارض للناس مضجعا
وما نبتت في الارض لولاك حبة ولا شجرٌ لولا وجودك اينعا
ولا اشرقت شمسٌ ولا نيرٌ بدا ولا نبعت عينٌ ولا البدر اطلعا
وصيرنا الاعداء لولاك طعمة وكان علينا الذل ثوباً ملفعا
حبيبي مولاي طال همي والاسى اغثني سريعاً لا تدعني ملوعا
اغثني بفيض من نداك فانه لقد صار منه البر والبحر مترعا
بسم الله وله خالص الحمد والمدح والثناء لا اله الا هو تبارك وتعالى رب العالمين وارحم الراحمين وازكى الصلوات الناميات والتحيات المتواترات والبركات الدائمات على ابواب رحمته للخلائق اجمعين وغوثه للمستغيثين حبيبه محمد المصطفى الامين وآله الطيبين الطاهرين السلام عليكم اخوتنا المستمعين… اطيب تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نهديها لكم ونحن نلتقيكم بتوفيق عزوجل في حلقة اليوم من هذا البرنامج. فاهلاً بكم والف اهلاً ومرحباً… ايها الاطائب اخترنا لمطلع هذا اللقاء بعض الابيات الولائية الصادقة التي انشاها في محبة مولانا امام العصر المهدي –ارواحنا فداه- العالم الزاهد والفقيه البارع آية الله السيد محمد تقي الاصفهاني وهو –رضوان الله عليه- مؤلف الكتاب المهدوي القيم الذي الفه بامر صاحب الزمان –عليه السلام- والمعروف باسم (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم). وها نحن نعرفكم اعزاءنا بالفقرات الأخرى للقاء اليوم، وفي الاولى نتابع استلهام وصايا امام زماننا من الدعاء الجامع الذي امرنا –عليه السلام- بالتقرب به الى الله عزوجل –وعنوان هذه الفقرة هو: المهدويون اهل صدق النية تليها اجابة عن سؤال الاخ علي جاسم بشأن: المهدي والسر الفاطمي المستودع ننقل بعدها لكم حكاية موثقة تعرفنا بدلالة مهمة من دلالات تمييز المهدي الحقيقي عن ادعياء المهدوية، وقد وضعنا لهذه الحكاية العنوان التالي: غوث الله تابعونا على بركة الله في فقرات حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) ندعوكم احبتنا الى التامل في الفقرة التربوبية التالية وعنوانها هو:
المهدويون اهل صدق النية
ايها الاكارم، بدانا في الحلقة السابقة من البرنامج باستلهام الوصايا المهدوية من الادعية التي روتها المصادر المعتبرة عن امام زماننا خليفة الله وبقيته المهدي –عجل الله فرجه-. ومن المعلوم لدى أهل الايمان ان الادعية الشريفة هي واحدة من اهم الوسائل التي لجا اليها ائمة العترة المحمدية لايصال الوصايا والاوامر الالهية للمؤمنين بصورة غير مباشرة وغير مثيرة للاعداء، وذلك بسبب الارهاب الشديد الذي شنه الطواغيت ضدهم –عليهم السلام-. وقد تجلى هذا الاسلوب الحكيم في سيرة رابع ائمة العترة المحمدية مولانا السجاد زين العابدين –صلوات الله عليه- فاودع في ادعية الصحيفة السجادية المباركة بيان اسمى معالم الدين الالهي الحق وازكى الصفات التي يرتضيها الله عزوجل لعباده الصالحين؛ وكان تصاعد الارهاب الاموي ضده –عليه السلام- بعد واقعة كربلاء الدامية من الاسباب التي دعته الى اختيار هذا الاسلوب الحكيم. وبسبب اوضاع وخصوصيات عصر الغيبة فقد لجا مولانا امام العصر المهدي –عجل الله فرجه- الى انتهاج هذا الاسلوب الحكيم، فاهدى للمؤمنين مجموعة من غرر الادعية ضمنها وصاياه الالهية لهم، ومن هذه الادعية المباركة دعاؤه الجامع الذي رواه الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتابي المصباح والبلد الامين. قال –صلوات الله عليه- في مطلع هذا الدعاء: “اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية وصدق النية وعرفان الحرمة واكرمنا بالهدى والاستقامة” مستمعينا الافاضل، الوصية الاولى التي يوصينا بها امام زماننا –ارواحنا فداه- في هذا المقطع هي التحلي ليس بمجرد العمل بالطاعات بل التحلي بروح الرغبة في كل ما يرضي الله ورسوله وبقيته من الاعمال الصالحة بما يشمل الواجبات والمستحبات وهذا هو المستفاد من الاطلاق في لفظ (الطاعة) اما الوصية الثانية فهي الاجتناب عن كل معصية لا يرضاها الله لعباده صغيرة كانت او كبيرة بل وحتى المكروهات التي لا يحبها الله تبارك وتعالى واخرها بها ائمة الهدى –عليهم السلام- مما ورثهم جدهم المصطفى –صلى الله عليه وآله- من علوم القرآن الكريم. وقد تحدثنا مفصلاً عن هاتين الوصيتين في الحلقة السابقة، اما الوصية المهدوية الثالثة فهي ان نتحلى بصدق النية؛ فما هو المقصود بها؟ الاجابة نتلمسها معاً بعد قليل فابقوا معنا: ايها الاكارم، تستوقفنا في البحث عن اجابة السؤال المتقدم عدة آيات كريمة نختار منها اثنتين الاولى هي السابعة والسبعون بعد المئة من سورة البقرة حيث يقول تبارك وتعالى: ليس البرّ ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وءاتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وءاتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون. ونقرا ايضاً مستمعينا الافاضل في الآية الثالثة والعشرين من سورة الاحزاب، تصريحاً الهياً بان الصادقين هم طائفة ممتازة من المؤمنين اي من اصحاب المراتب العالية في الايمان؛ قال عز من قائل: “من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” ايها الاخوة والاخوات، يتضح من هاتين الآيتين الكريمتين ان الصادقين هم الذين ظهرت فيهم علامات صدق الايمان بالله واليوم الآخر، وهذه العلامات تتمثل في التزامهم العملي باركان الدين الحق من الزكاة والانفاق في سبيل الله ومساعدة الخلق وكذلك الصلاة والوفاء بالعهود سواء ما عاهدوا به الله عزوجل او ما عاهدوا به الناس، وكذلك الصبر على الابتلاءات بمختلف اشكالها وعلى صعوبات اليأس اي الجهاد في سبيل الله ونصرة الحق. ايها الاطائب وبعد معرفة معنى الصدق الايماني نتساءل: لماذا جاءت وصية امام زماننا المهدي –ارواحنا فداه- بهذا الصدق مقرونة بالنية؟ وهذا السؤال تجيبنا عنه في الواقع النصوص الشريفة الكثيرة التي تبين ان قيمة العمل تكمن في النية بالدرجة الاولى وليس في ظاهره ونتائجه فالاحاديث الشريفة تؤكد ان الاعمال بالنيات ولكل امرء ما نوى والله ينظر الى قلوبكم ونظائر هذه التعبيرات الواردة كثيرة في النصوص الشريفة. وعليه يتضح ان ما يوصينا به مولانا بقية الله المهدي –صلوات الله عليه- في هذه الفقرة من الدعاء هو ان نتحلى بالاخلاص لله عزوجل في كل ما نقوم به من الاعمال التي تقدم ذكرها من الانفاق والصلاة والزكاة والصبر والجهاد في سبيل الله ونصرة اوليائه فبذلك نصل الى اعلى مراتب الايمان التي تتمثل في مرتبة الصادقين. ومعنى الاخلاص هو ان نقوم بذلك ابتغاء وجه الله عزوجل ووفاءً بعهده وليس طلباً للسمعة والوجاهة بين الناس او غضباً للنفس او ارضاءً لها او تزلفاً للآخرين… بل تكون القربة لله عزوجل دافعنا الاساس بل والوحيد لها. اعزاءنا المستمعين وثمة معنى اخر لصدق النية يرتبط بامام العصر –ارواحنا فداه- وهو ان نتحلى بصدق النية في نصرته عند ظهوره –عجل الله فرجه-، وتوفر هذا المعنى هو وسيلة الفوز بالرجعة عند ظهوره اذا توفانا الله عزوجل قبله. وهذا المعنى نستفيده بوضوح من كثير من النصوص الشريفة منها دعاء العهد المبارك المروي عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام-، وقد جاء في مقدمته قوله –عليه السلام-: “من دعا الى الله تعالى اربعين صباحاً بهذا العهد كان من انصار قائمنا فان مات قبله اخرجه الله من قبره…” وقد جاء في بعض فقرات هذا الدعاء الشريف: “اللهم اني اجدد له صبيحة يومي هذا وما عشت من ايامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا احول عنها ولا ازول ابدا اللهم اجعلني من انصاره واعوانه الذابين عنه والمسارعين في قضاء حوائجه والمحامين عنه والسابقين الى ارادته والمستشهدين بين يديه اللهم ان حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضيا فاخرجني من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مجرداً قناتي ملبياً دعوة الداعي…” من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نتابع اعزاءنا تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب)، ويشاركنا فيها زميلنا الاخ عباس الباقري بعرض اجوبة العلماء على اسئلتكم للبرنامج، نستمع معاً: الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم أيها الأحبة معكم في هذه الفقرة ومع رسالة الأخ علي جاسم من الكويت. الأخ علي جاسم يسأل سؤال اعتقد يتردد فيه عدة من المؤمنين، أنا سمعته اكثر من مرة. هذا السؤال يرتبط بالدعاء المشهور الذي ذكر له اهل المعرفة الكثير من الخواص، دعاء “اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحصاه علمك وأحاط به كتابك”. الأخ علي جاسم يقول: هل يمكن أن يكون الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو السر المستودع المشار اليه في هذا الدعاء؟ في الواقع السر المستودع هو سر مستودع يعني الله تبارك وتعالى شاء أن يكون سراً. نعم ذكر بعض العلماء أنه من المحتمل أن يكون الإمام المهدي هو السر المستودع في الصديقة الزهراء سلام الله عليها وإستدلوا على ذلك بشواهد متعددة منها ماروي في بعض مقاتل الصديقة الزهراء سلام الله عليها أنها إستنجدت او إستغاثت بالإمام المهدي عند الهجوم على الدار بسليلها المهدي، هذه الإستغاثة بإعتبارها لم يكن في يومها في هذه الحياة الدنيا سلام الله عليه تُفسّر هذه الإستغاثة بـأن الإمام المهدي سلام الله عليه هو الذي سيحقق ويطبق بالكامل ما أستشهدت من أجله الصديقة الكبرى الزهراء صلوات الله وسلامه عليها. من الشواهد الأخرى ما ورد في خطبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في يوم الغدير في حجة الوداع، ورد في هذه الخطبة عبارة مضمونها “ما من سر إلا وانا أفتحه والقائم من ذريتي او المهدي من ذريتي يختمه” يعني إكتمال الأسرار الإلهية وإتضاحها بالكامل على يد الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. هنالك ايضاً أدلة أخرى إستدلوا بها على أن يكون السر المستودع الإمام المهدي صلوات الله عليه لعل اهمها ما ذكرناه للأخ علي جاسم. هل يمكن القطع بذلك؟ نقول يمكن ويحتمل أن يكون السر المستودع يشمل قضية اخرى غير قضية الإمام المهدي الى جانبها يعني مما لاشك فيه أن الأمام المهدي سلام الله عليه له أثر مهم في تحقيق ما أستشهدت من أجله الصديقة الكبرى سلام الله عليها في نشر القيم الإلهية وإظهار الأسرار الإلهية للناس. هذا من جهة ثانية وهي ايضاً جهة مهمة أن السر المستودع يمكن أن يكون يشمل مصاديق اخرى الى جانب الإمام المهدي سلام الله عليه كما ذكر بعض العلماء. على أي حال عندما يدعو الداعي بالصلوات على الصديقة الزهراء سلام الله عليها بهذه الصيغة يعني “اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها” اذا قصد أن يصلي على الإمام المهدي سلام الله عليه فلم يكن في ذلك مانع وايضاً يكون في ذلك قربة لله تبارك وتعالى بل من الجميل أن يقصد الإمام المهدي سلام الله عليه بالصلاة عليه بإعتبار أن الحديث مذكور عن أشخاص يعني السر المستودع هو شخص كما هو بعل الصديقة وأبوها وبنوها سلام الله عليهم اجمعين. شكراً لكم أيها الأحبة على طيب المتابعة وشكراً للأخ علي جاسم على سؤاله، تفضلوا مشكورين بمتابعة ما تبقى من فقرات برنامجكم شمس خلف السحاب. نشكر لكم ايها الاطائب طيب المتابعة لحلقة اليوم من هذا البرنامج، وندعوكم الى حكاية هذه الحلقة وقد اخترنا لها عنوان:
غوث الله
ايها الاكارم، الحكاية التالية هي من الحكايات الموثقة القليلة التي يصرح فيها مولانا امام العصر –عجل الله فرجه- بهويته بكل وضوح. وقد نقلها احد اجلاء علماء مدرسة اهل البيت وفقهائها كما اثنى عليه علماء الرجال وذكروه بكل خير وهو السيد الجليل ابو محمد الحسن بن حمزة العلوي الطبري، وقد اوردها في كتابه القيم (الغيبة) وهو من المصادر المهمة في سيرة امامنا صاحب الزمان –عليه السلام. وفي هذه الحكاية اشارة لطيفة الى رأفة بقية الله المهدي بالعباد واغاثته لهم بامر الله عزوجل واذنه. قال الفقيه الجليل الحسن بن حمزه العلوي المتوفي سنة ۳٥۸ للهجرة في كتاب الغيبة: حدثنا (رجل صالح من اصحابنا قال: خرجت سنة من السنين حاجاً الى بيت الله الحرام، وكانت سنة شديدة الحر كثيرة السموم فانقطعت عن القافلة، وضللت الطريق فغلب علي العطش حتى سقطت واشرفت على الموت، فسمعت صهيلا ففتحت عيني فاذا بشاب حسن الوجه حسن الرائحة، راكب على دابة شهباء، فسقاني ماء ابرد من الثلج واحلى من العسل ونجاني من الهلاك، فقلت: يا سيدي من أنت؟ قال: انا حجة الله على عباده، وبقيّة الله في ارضه، انا الذي املا الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، انا ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ثم قال: اخفض عينيك، فخفضتهما. ثم قال: افتحهما ففتحتهما فرايت نفسي في قدام القافلة ثمّ غاب عن نظري صلوات الله عليه وبهذا ننهي ايها الاكارم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) استمعتم لها مشكورين من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله منكم حسن الاصغاء ودمتم في رعاية سالمين.
والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءهم من الأولين والآخرين
السلام عليكم ورحمته وبركاته
الإنسان والمصفوفة.
السيد : يوسف العاملي
العارف إنسان يعيش حياة ما فوق الخيال الإنساني.
إذا مـات العارف فـلن يجدهُ السائق والشهيَّد يوم القيَّامة ولن يجدهُ رضوان الجنة فيهـا ، ولا مالك النار فيهـا فقال أحدهُم : إذاً فأين العارف !؟ قال عليهِ السلام : إنهُ قُرب الله !، فـالعارف دائماً لا فيَّ السماء ولا فيَّ الأرض ولا فيَّ الجنة ولا فيَّ النـار ، إنهُ عند خالق السماء والجنة .
اللهم اجعلنا منهم.
في فيلم المصفوفة -la matrix- نجد كاتب القصة والسناريو يبين لنا أن إنسانا أكتشف نظاما جعله أقوى وخالدا وخارقا وعارفا بكل شيء.
ولنتوقف هنا عند كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فالعارف دائما لا في السماء ولا في الأرض ولا في الجنة ولا في النار ، إنه عند خالق السماء والجنة.
العارف عند خالق السماء والجنة .
العارف في مقام العندية ففي هذا المقام ينعدم المكان والزمان .
عالم المكان والزمان كله خيال في خيال وهو كذلك يجب الإيمان به والتعايش معه فالكفر به يؤدي بالإنسان إلى عالم الشيطنة ( انظر الفوائد الرضوية تعليقات الإمام الخميني قدس الله أنفاسه الزكية ).
يقول الحكيم االيوناني *فيثاغوس: ( كل شيء نغم وعدد).
* ولد في ساموس حوالي السنة 580 ق.م. و توفي حوالي 504 ق.م.فيلسوف و عالم رياضيات ،عاش مدة في مصر حيث درس الخرائط السماوية .ثم استقر حوالي السنة 530 ق.م. في كريتون – اليونان في منزل ميلون الشهير،هنا أسس مدرسة فلسفية ،درّس فيها أن مخلوقات الأرض يمكن الدلالة عليها بالعدد و أن الأعداد هي عناصر كل الأشياء و أن العالم كله ليس سوى تناغم و حساب و بذلك اعتُبر العدد هو أساس كل شيء ، يقال أن فلسفته تأثرت بفلاسفة الهنود و أنه سافر إلى الهند من رحلاته (البراهمانية).
بين الإنسان والحقيقة الإلهية التي جاء منها كل شيء هناك مصفوفة matrix كل من عرف هذه المصفوفة المكونة من 19 بعدا وجوديا يستطيع الدخول في العالم الإلهي.
المكان له ثلاثة أبعاد، الطول، العمق، العرض.
الزمان له بعدان .
وهناك 14 بعدا أخر تغيب عن كل البشر إلا العالمون بالله.
فالله عرفهم هذه الأبعاد.
كنت اعرف شخصا حول كل القرآن إلى أعداد وكان متأثرا بهذه الأعداد لدرجة أنه إذا قلت له أسمك مباشرة يقرأ القرآن ويخرج لك رقما. لكن عندما سألته عن أصل الأعداد وعن رمز الوجود لم يستطع الإجابة فأدركت أن هذا الشخص دخل هذا العالم من غير بابه الحقيقي وهو مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
فمولانا أمير المؤمنين عليه السلام هو من قال (موتوا قبل أن تموتوا )، وقال (إنما الدنيا حلم، والآخرة يقظة، والموت متوسط بينهما، ونحن أضغاث أحلام ).
والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءهم من الأولين والآخرين
السلام عليكم ورحمته وبركاته
الإمام المهدي عليه السلام وأسرار الطبيعة
السيد : يوسف العاملي
من المعلوم والواجب علمه في علاقتنا مع الغيب، أنه يحمل للإنسان كل خير مادام الإيمان به إيمانا نابعا من وعد إلهي حكيم، يريد بنا أن نرى في نفوسنا عظمته غير المتناهية، والمليئة بالأسرار الإلهية والكونية. كل تلك الأسرار مودعة في حكمة تحكمها نواميس عادلة تجعل منا كائنات راغبة في رغبة الله، فاهمة مصدر إيجادها ومنتهى مآلها الأبدي. فالمصدر هو الله والمآل هو الله وفي كل هذا سر رابط يجمع بين المصدر والمآل وهو التحقق بماهية النفس الإنسانية الكلية. ولكي تتحقق بهذه النفس الإنسانية الكلية لا بد لنا من فهم علاقتنا مع الكون ومع رب الكون.
ولا يتم لنا ذلك إلا عبر الاتصال بحضرة الإنسان الكامل الجامع لكل سر وجودي وفهم إلهي.
كونية الانتظار
بعد اكتشاف الخريطة الجينية والو راثية، وبعد اكتشاف أصغر جزء مادي أصبح كل الخبراء والعلماء في حيرة من مصير الإنسان، وبدا الأمر أشبه بالمستحيل الممكن، فعلم الخيال العلمي الغربي في السبعينيات أصبح حقيقة على مشارف القرن الواحد والعشرين، وبدا الكون وكأنه في مهرجان من الكشوفات التي سوف لن تنتهي، مادام العقل البشري في فعل وفي فهم وفي إدراك وفي علاقة مع قوى الكون الفاعلة، ومع كل ذلك نجد هذا الكون قد أصبح صغيرا جدا. فكثرة السكان وكثرة الأفكار وكثرة المعارف وكثرة التجارب وكثرة التطلعات وكثرة التناقضات، فصلت هذا الكائن الإلهي (الإنسان) عن القوى الطبيعية التي تتحكم في فطرته السليمة، وبالتالي صار مرة أخرى صغيرا في فهمه الكلي لمجريات الأمور. فما الحل الذي سوف يدير حركة الكون مرة أخرى، وهاهو كل شيء أصبح مكشوفا لدى الخبراء والعلماء؟ فلم يعد للإنسان والكون سوى الانتظار. انتظار الغيب طبعا.
زمن اللقاء بين العلم والغيب والغيب بالعلم:
كشف العلم التجريبي الكثير من الأمور التي كانت في الغيب، لا يعرفها الإنسان، فأصبح بتلك الكشوفات يدرك بعض أسرار الكون والحياة، لكن معظم تلك الأسرار سوف لن تدرك مادام الإنسان مفصولا عن القوى الطبيعية التي تمنحه التناغم مع وجوده الأسمى، فلا يوجد لدى الإنسان الغربي كل وسائل العيش الرغيد والمرفّه والسهل، لكنه في كل ذلك يملؤه الخوف من المستقبل والمجهول، وذلك راجع لتراجع إيمانه بالغيب. فعندما كثرت كشوفاته الكونية فَفُتن بها وضاعت هويته التي توحده مع خالقه.
فكما تلقى آدم كلمات من ربه فتاب عليه، سوف يتلقى الكونُ والإنسانُ كذلك كلمةَ الله المخلصة والأبدية لتسرع به في دورة مليئة بالأسرار الوجودية بعدما كان وجوده مليئا بالكشوفات الكونية.(١) الكشف الكوني والسر الوجودي:
في الحرب الأخيرة خبر حزب الله سلاحه المتمثل في الجوشن الصغير، وجربت القوى الشيطانية كل أسلحتها المادية، فكانت النتيجة باهرة وأعجزت عقول الماديين الذين طالما سخروا من قوة الروح المتقدة بالإيمان بالغيب، لقد كشف الإنسان مِساحة تواجده، ومسح كل ظلام ومجهول بواسطة مادته الدماغية، لكن الإنسان ليس مادة فحسب، وهذا كشف كشفته المادة نفسها عندما أدركت نهايتها ونهاية دورها الوجودي. فالإنسان جوهر وجودي مكون من المادة والروح، لذا فهو مدعو لمعرفة كيانه السِرّاني بواسطة الروح الخالدة بعدما كان يتعرف على موقعه الوجودي بواسطة مادته العقلية.
فالكشف للمادة والسر للروح.
الخلاصة:
جاء في بعض الروايات أن في زمن ظهور الإمام المهدي عليه السلام سيتم الاتصال بعوالم أخرى ومجرات أخرى بعيدة عن مجرتنا. وذلك ناتج عن كون الإنسان وصل إلى أوج التقدم التكنولوجي والمادي. فعندما نكون قد وصلنا إلى نهاية مادتنا الأرضية بوعينا الأرضي نكون في ذلك قد وصلنا إلى معرفة كل الأبعاد الكونية حسب قانون وحدة المادة الكونية. فنهاية المادة يعني إدراك الأبعاد الكونية، لكن هذا الإدراك سيبقى معطلا مادام الإنسان لم يدرك جزأه الأعلى والأسمى الذي لا يمكن خبرته إلا بواسطة الروح الكونية والكلمة الإلهية المرسلة للإنسان الأرضي، ليدرك كونية الإنسانية الخالدة المكونة من شاعرية المعري وعلمية أنشتاين.
الهوامش
(١) حقق في محله أن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه هي أسماء الأئمة عليهم السلام فدعا بهم ليتوب الله عليه، ولعل الكاتب أراد أن يربط بين تلقي آدم هذه الكلمات وبين تلقي الإنسان كلمة الله وهو المهدي عليه السلام ليسعد الانسان بهذه الكلمة الإلهية كما سعد آدم بالتوبة عليه _ أسرة التحرير_ .
هو عيسى بن مريم بنت عمران بن ماثان، ويصل نسب مريم إلى سليمان بن داود عليه السلام. كان عليه السلام يلقّب بألقاب عديدة منها: المسيح، وروح اللّه، وكلمة اللّه، والناصريّ، ويكنّى بابن مريم، واسمه بالعبريّة يشوع أو يسوع. أحد أنبياء أُولى العزم، وصاحب الديانة النصرانيّة أو المسيحيّة، وآخر الأنبياء والرسل من بنى إسرائيل إلى البشريّة. كانت أُمّه مريم سلام الله عليها منذ نعومة أظفارها تعيش في جوّ من الطهارة والفضيلة، مجتهدة في عبادة الله وطاعته، وكانت الملائكة تأتى إليها، وتخبرها بأنّ اللّه اصطفاها وطهّرها من الأدناس والأرجاس والخبائث. ولمّا بلغت مبلغ النساء دخل عليها جبرئيل عليه السلام بأمر من اللّه على صورة شابّ، فخافت منه واستعاذت من رؤيته، فطمأنها وقال: أنا جبرئيل، أرسلنى اللّه إليك لأهب لك غلاماً زكيّاً، فنفخ في جيبها، فحملت بقدرة اللّه عزّوجلّ بعيسى عليه السلام، واختلف العلماء في مدّة حملها به، فمنهم من قال: إنّ مدّة حملها كان ستّة أشهر، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر وقيل: ساعة واحدة، وقيل: كما حملته ولدته في بيت لحم بالقرب من بيت المقدس بفلسطين، وقيل: ولدته في دمشق. وبعد أن وضعته أتت به إلى قومها فقابلوها بالازدراء، واتّهموها بإتيان الفاحشة، فدافع عيسى عليه السلام وهو رضيع في المهد عن طهارة أُمّه وبراءتها من الفاحشة والفجور، وسيأتى تفصيل ذلك في ترجمة حياة مريم سلام الله عليها. وبعد أن بلغ ثمانية أيّام ختنوه و سمّوه عيسى أو يسوع أو يشوع. لمّا كان هيرودس ملك اليهود قد أصدر أمراً بقتل الأطفال في بيت لحم؛ خوفاً من طفل سينشأ ويقضي عليه وعلى مملكته، وللحفاظ على عيسى عليه السلام من فتك الملك قام يوسف بن يعقوب النّجار، وهو من أقارب مريم سلام الله عليها بنقلها ورضيعها من بيت لحم، وذهب بهما إلى مصر، وأسكنهما في مدينة عين شمس. ولم يزل عيسى عليه السلام وأُمّه في عين شمس إلى أن هلك الملك، فعاد إلى فلسطين، وعمر عيسى يومئذ 7 سنوات، وقيل: 12 سنة. قضى أيّام صباه في أُورشليم، ولمّا كان اللّه عزّ اسمه قد منحه العلم والمعرفة في شؤون الدين والدنيا أخذ يجالس العلماء ويناقشهم ويحاجّهم. وبعد أن قضى فترة من عمره في أُورشليم انتقل مع أُمّه إلى مدينة الناصرة، وقضى بها أيّام شبابه. ولمّا بلغ الثلاثين من عمره، ومنهم من قال: لمّا بلغ السابعة من عمره بعثه اللّه إلى بني إسرائيل بشريعة خاصّة به؛ ليخلّصهم من الانحراف والتشتّت والظلم والفساد الذى ساد بينهم و ينهاهم عمّا قاموا به من تحريف شريعة موسى بن عمران عليه السلام، وتبديل كلام اللّه الذى جاء به في التوراة حسب أهوائهم ومصالحهم الدنيويّة. اختلف المؤرّخون في المكان الذى بعث فيه للنبوّة، فمنهم من قال: في الجليل، وآخرون قالوا: في كفرناحوم، وفريق قالوا: في بيت المقدس، وكلّها في فلسطين، وقيل: تسلم الإنجيل من جبرئيل عليه السلام على جبل الزيتون بفلسطين، ثمّ انتقل إلى أُورشليم و سكنها، واشتغل بها في تبليغ رسالته. وبعد الإعلان عن رسالته و نبوّته بادر جماعة إلى الايمان به وتصديقه والتعلّم على يده، وكان في مقدّمتهم الحواريّون الاثناعشر وهم: سمعان المعروف ببطرس الصيّاد، واندراوس أخو سمعان، ويعقوب بن زبدى، ويوحنّا بن زبدى، وفيلبس، وبرتوطاوس، وتوما، ومتّي العشّار، ويعقوب بن حلفي، ولباوس، وسمعان القانونى الغيور، ويهوذا الإسخريوطى، ويضيف بعضهم اليهم الحوارى برنابا. صدّ عنه الكثيرون ونفروا منه، وكذّبوه واتّهموه بالسحر. ولنشر دعوته و دينه بين صفوف اليهود قام بإرسال الحواريّين إلى القرى والأرياف اليهوديّة للتبشير إلى دينه ورسالته. منحه اللّه القدرة على إنجاز أعمال يعجز غيره من الناس القيام بها، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير، ثمّ ينفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللّه، وكان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، ويخبر الناس بما يأكلون ويدّخرون في بيوتهم. كان عليه السلام يسيح في الأرض، ليس له منزل ومأوى، وليس له قرار و لا موضع يُعرف به، وكان في صلاته يستقبل صخرة بيت المقدس. أنزل اللّه عليه الإنجيل، وهو يتضمّن مجريات حياته وأعماله ومواعظه و معاجزه والخوارق التى أجراها اللّه تعالى على يده، فكانت مسطّرة على صورة قصص تحثّ الناس على عبادة اللّه وحده، وإطاعة أوامره، والتجنّب عن نواهيه، وتشجيعهم على التمسّك بالأخلاق الفاضلة، والابتعاد عن مساوئ الأخلاق؛ لإيصالهم إلى مراحل الكمال والسؤدد. أنزل اللّه الإنجيل على قلبه، فكان بدوره يلقيه على تلاميذه وحواريّيه. ولايغيب عن البال بأنّ الإنجيل لم يكتب ويدوّن في زمانه، بل كتبه من بعده تلاميذه وتلاميذ تلاميذه ممّا حفظوه عنه، فبلغت الأناجيل التى كتبت أكثر من مائة، ومن أشهرها: إنجيل متّى، وإنجيل مرقس، وإنجيل يوحنّا، وإنجيل لوقا، وإنجيل برنابا، والكنيسة المسيحيّة تعترف بجميعها عدا إنجيل برنابا، ويقولون إنّه مخلوق وغير قانونىّ. يقول المحقّقون: إنّ الأناجيل المذكورة والموجودة بأيدى المسيحيّين لم تكن لها أصالة وصحّة من حيث المحتوى والسند، بل تلاعبت بها الأهواء والأغراض ومعطيات المراحل الزمنيّة التى مرّت بها. وبعد أن لاقى الأمرين من أعدائه اليهود وغيرهم وشوا به، وتآمروا عليه، وشكوه إلى الوالي فأمر بإلقاء القبض عليه، وهنا تدخّلت عظمة البارئ وحكمته حيث أنقذه من جلاوزة الوالي، وجاءوا بأحد تلاميذه وكان يدعي يهوذا الإسخريوطى وكان يشبهه، وقد وشى بعيسى عند الوالي، فأخذوه وصلبوه ببيت لحم حتّى هلك، فنجا عيسى عليه السلام من شرور اليهود ومناوئيه، ورفعه اللّه عزّ وجلّ بجسده و روحه حيّاً إلى السماء، وسيبقى على قيد الحياة حتّى ظهور صاحب الأمر والزمان الحجّة بن الحسن عليه السلام، فيصبح من أنصار الحجّة عليه السلام وأتباعه. وبعد مقتل الإسخريوطى شاع بين الناس بأنّ عيسى عليه السلام صلب فمات. وللمسيحيّين فيه عقائد وقصص وخرافات لم ينزل اللّه بها من سلطان، وما ذكرها معصوم، بل صوّرتها لهم أخيلتهم، فاتّهموه بتهم باطلة، وألصقوا به أُموراً وحوادث هو براء منها، ومن جملة ماقالوا فيه: هو اللّه، وابن اللّه، وروح القدس، وغيرها من النعوت والصفات والأباطيل بالنسبة إليه ولأُمّه عليهما السلام. رُفع السيّد المسيح عليه السلام إلى السماء سنة622 قبل الهجرة المحمّدية، وعمره يومئذ 34 سنة، وقيل: 33 سنة، وقيل 40 سنة. والفترة الزمنيّة بينه وبين سيّدنا و نبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله كانت 600 سنة، وقيل: 500 سنة، وقيل: 560 سنة، وقيل: 540 سنة، وقيل: 620 سنة، وقيل غير ذلك. وطيلة مدّة عمره الشريف لم يتزوّج قطّ. وبعد أن رفعه اللّه إلى السماء سلّط اللّه على اليهود ومناوئيه أحد ملوك الطوائف من ولد نبوخذ نصّر، فقتلهم وشتّتهم، فضربت عليهم الذلّة والمسكنة. وصف الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام عيسى عليه السلام بقوله: (كان يتوسّد الحجر، ويلبس الخشن، وكان أدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته ريحانة ما أنبتت الأرض للبهائم، ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يتلفه، ولاطمع يذلّه، ودابّته رجلاه، وخادمه يداه).
رسالة المسيح في القرآن
المسيح وحده من دون المرسلين أجمعين ولد نبياً، نطق في المهد وقال:” إني عبد الله، آتاني الكتاب وجعلني نبياً” (مريم: 29). تنبأ في المهد، وكهلاً (آل عمران: 46)، وهذه ميزة أخرى انفرد بها على المرسلين. وقد استجمع الله فيه الوحي كله:” ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل” (آل عمران: 48)، وهذه أيضاً ميزة انفرد بها على الرسل أجمعين.
وكانت رسالته بالكلمة والقدوة والمعجزة؛ فرسالته صورة لسيرته؛ وسيرته مثال لرسالته؛ وهو في كليهما معجزة:” ورسولاً إلى بني إسرائيل: إني جئتكم بآية من ربكم” (آل عمران: 49). وفي هذا الإجماع ميزة خاصة به على المرسلين. كما ميزه الله، وفضله على العالمين والمرسلين أجمعين بتأييد روح القدس له في سيرته ورسالته:” وأيدناه بروح القدس” (البقرة: 87 و 53؛ المائدة: 113) فكانت رسالة المسيح معجزة الرسالات، فالمسيح آية الله في رسله.
كما دخل المسيح بمعجزة لا مثيل لها في تاريخ المرسلين، خرج من العالم بمعجزة لا مثيل لها في تاريخ الرسل والعالمين: إنه رُفع حياً إلى السماء.
ونصوص القرآن في آخرة المسيح، كلها صريحة في هذا المعنى؛ إنما الخلاف قائم بينهما في تعارض آيات (النساء: 156) مع آيات (مريم: 33؛ آل عمران: 55المائدة: 120). فالمسيح منذ مولده يتنبأ عن آخرته:” والسلام علىّ يوم ولدت! ويوم أموت! ويوم أُبعث حيا!” (مريم: 33). فالمسيح وحده دون المرسلين أجمعين عرف مصيره منذ مولده. وهو وحده، دون العالمين والمرسلين، حي خالد في السماء عند الله، بينما هم أجمعون ينتظرون يوم يبعثون!.. فآخرة المسيح أيضاً معجزة، بل معجزة المعجزات. فالمسيح برفعه حياً إلى السماء آية الله في المرسلين والعالمين.
ألقاب المسيح في القرآن
عيسى ابن مريم
يسمي القرآن المسيح عادة:”عيسى ابن مريم”. هو”عيسى”: بالعبرية”إيشوع” (البيضاوي والزمخشري) أو بالاحرى”يشوع” ومعناه في لغتهم”المخلص”. هذا إسمه الشخصي المعروف به، اسم العلم الذي به يعلم. وصحيح الاسم”يشوع” بالعبرانية،”ويسوع” بالسريانية فمن أين نقله على هذه الصورة”عيسى” ؟ الأرجح أنها منقولة ومنحوتة عن الرومية السريانية في صيغة المنادى”إيسو” فوصلت إلى قلب الجزيرة على هذه الصورة”عيسى”. ومعروف عند الشرقيين ما للاسم من مغزى وأمل.
ابن مريم
وهو”ابن مريم” نسبة إلى أمه. وينسبه إلى أمه تشريفاً له ولها. وليس في هذه النسبة أية إهانة أو تحقير لأن هذه الأم قد”اصطفاها الله على نساء العالمين” (آل عمران 42) وينسبه إلى أمه ليس لأنه مجهول الأب، فتلك إهانة ينتفض لها القرآن بل شهادة دائمة من القرآن لأمومة مريم البتولية، ولمولد عيسى المعجز الفريد من بتول لم يمسسها بشر.
ويرد هذا اللقب”ابن مريم” مسنوداً إلى عيسى كناية له:”وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم” (البقرة 87، النساء 170، المائدة 46)”وآتينا عيسى ابن مريم البينات” (البقرة 87 و 253 والمائدة 49)،”إذ قال الله يا عيسى ابن مريم” (المائدة 113 و 119)، وهذا الاسم تصح به نسبة عيسى.
عبدالله
ويدعو”عبد الله” أي رجل الله، وهي صفة يتصف بها أنبياء الله ورسله. فهو قال عن نفسه”إني عبد الله” (مريم 30) حينما نطق طفلاً، والله يدعوه عبده”إن هو إلا عبد أنعمنا عليه” (زخرف 58)، ويجعل القرآن هذه الصفة ميزة رسالته. وحسبه فخراً أنه عبد الله”لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله” (النساء 171).
النبي
وهو”النبي”: ولد نبياً بشهادته لما نطق حال ولادته”إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً” (مريم 30)، بل نبوته ترتقي إلى ما قبل الولادة، إذ هو كلمة الله ألقاها إلى مريم، وروح منه” (النساء 171). وقد انفرد هذا”النبي” بخوارق شخصه ورسالته.
الرسول
وهو”الرسول” أيضاً: لا يجعل القرآن عادة فرقاً بين النبي والرسول. وقالوا أن الرسول هو النبي الذي اختصه الله بشرع جديد، مثل إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد. إنه رسول الله”إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله” (النساء 170). إنه”رسول إلى بني إسرائيل” (آل عمران 49). فانفردت رسالته بخوارق لا مثيل لها في تاريخ النبوة والرسالة من إبراء، إلى إحياء، إلى خلق (آل عمران 49). واختصت بتأييد روح القدس، روح الله (البقرة 78 و 53، المائدة 113).
الغلام الزکي
وهو”الغلام الزكي” (مريم 18) جسداً ونفساً، وحده ولد بحال البتولية، ووحده ولد بدون مس الشيطان، ووحده عاش”طاهراً بريئاً من الذنوب” (البيضاوي)، ووحده عاش”لا يصيب من الذنوب كما يصيب سائر بني آدم حتى الآنبياء منهم” (قتادة)، ووحده لا ينسب إليه إثم على الإطلاق.
المبارك
وهو”المبارك” أينما كان: حمل هذه البشرى معه منذ مولده”وجعلني مباركاً أين ما كنت” (مريم 31)، وظل في كل لحظة، وفي كل موقف من مواقف حياته”المبارك” أينما كان. فأي نبي خصه الله بمثل هذه البركة في كل دقائق حياته”أين ما كنت”؟ من لا تتغلب عليه في ساعة من ساعات حياته عوامل البشرية، ومواطن الضعف، فلا يكون فيها”مباركاً”.
البتول
وهو”البتول” دائماً: ولد من بتول، وعاش بتولاً، وارتفع بتولاً، لا يذكر له القرآن والإنجيل زوجة ولا أولاداً، ولا يسندان اليه كنية ولد، ولا يلمحان إلى علاقة له بالنساء، ولم يمد عينيه إلى ما متع به الله أزواجاً منهم. بينما القرآن يزخر بحوادث النساء عند غيره، ولم يكتم في نفسه ما الله مبديه… وحده مع يحيى بن زكريا كان”حصوراً” ارتفع فوق حاجة الرجل إلى إمرأة إنه البتول.
المثل
وهو”المثل” الأعلى:”وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل” (زخرف 58)، والقرآن لا يعرض غيره مثلاً. فقد حقق المثل الأعلى في التقوى والفضيلة والقداسة:”وأوصاني بالصلوة والزكوة ما دمت حياً! وبراً بوالدتي! ولم يجعلني جباراً شقياً!” (مريم 32). ويكفيه فخراً أن القرآن ينزهه عن كل إثم ومنقصة. فهو المثل الذي لا تشوبه شائبة.
الوجيه في الدنيا والآخرة
هو”الوجيه في الدنيا والآخرة” (آل عمران 45) قالوا بالإجماع، كما رأينا، الوجاهة في الدنيا هي النبوءة، وفي الآخرة هي الشفاعة.
المسيح
عيسى ابن مريم هو المسيح”إنما المسيح، عيسى ابن مريم” (النساء 170). المسيح هو اسم لعيسى ابن مريم، وليس لقباً فقط:”يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه: اسمه المسيح” (آل عمران 45).
الملائكة تبشر بهذا الاسم، وهي تحمله معها من السماء إلى الأرض. والله ذاته يبشر به العذراء، بواسطة الملائكة: “إذ قالت الملائكة: يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح”. فهو اسم سماوي إلهي أوحى به الله مباشرة.
كلمة الله
“إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم” (النساء 170)
كل البشارات في القرآن تبشر بعيسى ابن مريم أنه”كلمة الله”.
الله يبشر مريم مباشرة بكلمة منه:”إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين” (آل عمران 45). أولى صفات مولود مريم وأول ألقابه التي تسمع به مريم هو أنه”كلمة الله”.
روح الله
“إنما المسيح عيسى ابن مريم… روح منه” (النساء 170)
فالروح الذي أيد المسيح يتصف بالقدس اختصاصاً، وامتيازاً له عن غيره:”وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم وأيدناه بروح القدس” (البقرة 87 و 253). بهذا الروح القدس امتازت شخصية المسيح ورسالته بالخوارق الخارقة:”يعيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس(المائدة 113 – 119)… فيعمل معجزات على الأرض ومعجزات من السماء كإنزال المائدة”.
نزول المسيح من السماء عند ظهور الإمام المهدي عليه السلام
أجمع المسلمون على أن روح الله عيسى المسيح على نبينا وآله وعليه السلام ينزل من السماء إلى الأرض في آخر الزمان، وبذلك فسر أكثر المفسرين قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً. (النساء:159)، وقد نقله صاحب مجمع البيان عن ابن عباس وأبي مالك وقتادة وابن زيد والبلخي.
وروى تفسيرها بذلك في البحار:14/530، عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهله ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي). وأحاديث نزوله في مصادر الفريقين كثيرة منها الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (كيف بكم (أنتم) إذا نزل عيسى بن مريم فيكم وإمامكم منكم). (البحار:52/383 ورواه البخاري:2/256، وروى غيره في باب: نزول عيسى عليه السلام). وأورد ابن حماد في مخطوطته نحو ثلاثين حديثاً تحت عنوان: (نزول عيسى بن مريم عليه السلام وسيرته) وتحت عنوان: (قدر بقاء عيسى بن مريم عليه السلام بعد نزوله) منها: الحديث المروي في الصحاح وفي البحار عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) وفيها: (إن الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى. أولاهم بي عيسى بن مريم، ليس بيني وبينه رسول، وإنه لنازل فيكم فاعرفوه، رجل مربوع الخلق، إلى البياض والحمرة. يقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية. ولايقبل غير الإسلام، وتكون الدعوة واحدة لله رب العالمين). وقد ورد في عدد من روايات ابن حماد نزوله عليه السلام في القدس، وفي بعضها عند القنطرة البيضاء على باب دمشق، وفي بعضها عند المنارة التي عند باب دمشق الشرقي. وفي بعضها باب لد بفلسطين.
كما أورد في بعضها أنه يصلي خلف المهدي عليهما السلام ، وأنه يحج إلى بيت الله الحرام كل عام، وأن المسلمين يقاتلون معه اليهود والروم والدجال. وأنه يبقى في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفاه الله تعالى ويدفنه المسلمون.
وورد في رواية عن أهل البيت عليهم السلام أن الإمام المهدي عليه السلام يقيم مراسم دفنه على أعين الناس، حتى لا يقول فيه النصارى ما قالوه، وأنه يكفنه بثوب من نسج أمه الصديقة مريم عليها السلام ويدفنه في القدس في قبرها.
والمرجح في أمر نزوله عليه السلام أن قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً. (النساء: 159) يدل على أن الشعوب المسيحية واليهود جميعاً يؤمنون به، وأن الحكمة من رفعه إلى السماء وتمديد عمره أن الله تعالى ادخره ليؤدي دوره العظيم في هداية أتباعه وعباده، في مرحلة حساسة من التاريخ يظهر فيها المهدي عليه السلام ويكون النصارى أكبر قوة في العالم، ويكونون أكبر عائق أمام وصول نور الإسلام إلى شعوبهم في العالم، وإقامة دولته وحضارته الإلهية.
لذا فإن من الطبيعي أن تعم العالم المسيحي تظاهرات شعبية، وفرحة عارمة، ويعتبرون نزوله لهم في مقابل ظهور المهدي عليهما السلام في المسلمين.
ومن الطبيعي أن يزور المسيح عليه السلام بلادهم المختلفة، ويظهر الله تعالى على يديه إلآيات والمعجزات، ويعمل لهدايتهم إلى الإسلام بالتدريج والنفس الطويل، وأن تكون أول الثمرات السياسية لنزوله تخفيف حالة العداء في الحكومات الغربية للإسلام والمسلمين وعقد اتفاقية الهدنة بينهم وبين الإمام المهدي عليه السلام التي تذكرها الروايات.
وقد تكون صلاته خلف المهدي عليهما السلام على أثر نقض الغربيين معاهدة الهدنة والصلح مع المهدي عليه السلام وغزوهم المنطقة بجيش جرار كما تذكر الروايات، فيتخذ المسيح عليه السلام موقفه الصريح إلى جانب المسلمين، ويأتم بإمامهم.
أما كسر الصليب وقتل الخنزير فلا يبعد أن يكون بعد غزو الغربيين للمنطقة وهزيمتهم في معركتهم الكبرى مع المهدي عليه السلام.
كما ينبغي أن ندخل في الحساب التيار الشعبي الغربي المؤيد للمسيح عليه السلام والذي يكون له تأثير ما على الحكومات قبل معركتهم الكبرى مع المهدي، وتأثير حاسم بعدها.