بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءهم من الأولين والأخرين
السلام عليكم ورحمته وبركاته
لماذا يقع التطرف ؟
السيد: يوسف العاملي

الأول يضع غطاء اليهود علي رأسه والثاني يضع العمامة التي هي تاج العرب ويخاطب العالم
يقع التطرف في سلوك الإنسان بسبب الجهل .
الإنسان مخلوق إلهي مجبول على المعرفة والعبادة وحيث ما وجد إنسان بعيد عن المعرفة والعبادة نجده في سلوكه متطرفا.
لا يكون الإنسان إنسانا إلا بالمعرفة بدون المعرفة هو يحمل الصفة ولا يحمل الفعل أي يحمل صفة الإنسان ولا يحمل فعل الإنسان.
صفة الإنسان وفعله الذي هو العبادة والمعرفة هما أساس الوجود الإنساني.
جاء في الأثر (( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات موتة جاهلية )).
معرفة الإمام هي على درجات متفاوتة .
خرج مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ليلا إلى الصحراء وفي صحبته سلمان المحمدي وابو ذر الغفاري رضوان الله عليهما، وعندما جاء ضوء النهار أمر أمير المؤمنين عليه السلام أبا ذر الغفاري رضي الله عنه أن ينظر إلى أثر الأقدام فلما نظر أبا ذر إلى الأرض لم يجد سوى أثر قدمين فقط ولم يجد أثر القدم الثالثة فسال أمير المؤننين عليه السلام عن سبب ذلك فرد عليه أمير المؤننين عليه السلام بقوله كان سلمان يضع قدمه في أثر قدمي وكنت أنت الثالث تمشي في أثر شخص واحد.
من خلال هذه الرواية التي لربما لم تحكى كما حكيتها بهذه العبارات يتضح أن معرفة أبا ذر ليست هي معرفة سلمان بالإمام فسلمان عليه السلام كان مندكا في ذات الإمام عليه السلام بينما كان ابا ذر تابعا للإمام.
فمع عظم إيمان أبا ذر الغفاري رضوان الله عليه نجد قدمه تطرفت أي بعدت شيئا ما عن قدم الإمام .
بقدر ما يكون الإنسان مجتهدا في معرفة نفسه بقدر ما يكون قريبا إلى حد كبير بالإمام .
التطرف يأتي من الجهل بالإمام فمن عرف إمام زمانه خرج من الجهل ومن خرج من الجهل خرج من العار.
بقدر البعد عن الإمام يكون التطرف ؟
الجماعات المتطرفة التكفيرية اليوم ذهبت إلى حيث لا عودة في انتهاك حرمة الإنسان وذلك لبعدها عن الإمام،
أنصار الله في اليمن سيطروا على دوليب الدولة لكنهم لم يقطعوا الرؤوس ولم يهتكوا الحرمات لقربهم من الإمام.
والسؤال المطروح الآن كيف نعرف إمام زماننا وكيف يكون القرب منه ؟
الشيعة عموما تجتهد في معرفة إمام زمانها لكن هل كل الشيعة تعرف حقيقة الإمامة ؟
لمعرفة حقيقة الإمامة عليك الإيمان بدعاء المعصوم بقلب متوجه وخاشع فعندما يأتي الخبر بأن هذا هو أثر المعصوم يكون الأثر دالا على صاحبه في نفس الداعي.
لا يعرف قيمة الأدعية الواردة عن مدرسة العصمة والطهارة إلا المستبصرين من الشيعة لماذا ؟
المستبصرين عرفوا الفرق بين الماء العادي والماء العذب الزلال الطاهر النقي.
فالذي يشرب متعودا على ماء واحد لا يعرف قيمته المعنوية حتى وإن كان أطهر المياه على الإطلاق لأن قيمته الحقيقية مجهولة عنده بسبب التعود والتقليد.
الشيعي المستبصر يجد في دعاء المعصوم الدواء الحقيقي الذي أخرجه من سلطان الطبع إلى أتباع سلطان الفطرة الذي هو المعصوم.
فالذي بلغ الاربعين ولم يهزم سلطان الطبع في باطنه يكون سلوكه الانساني مائلا إلى التطرف والذي بلغ الأربعين واأنتصر سلطان الفطرة على سلطان الطبع في باطنه يكون سلوكه الإنساني تابعا لسلطان الفطرة الذي هو الإمام.
حسب تجربة كبار العرفاء الوجودية والتي هي معرفة نفس الإمام في وجوده يكون دعاء إمام الزمان هو المظهر لحقيقة الإمام في نفسه .
فعندما يكون الإمام غائبا بجسده ،فهذا لا يعني البتة غيابه الكلي عنا، لماذا ؟ لأن نفس الإمام وهو في غيبته أكبر من وجوده بنفسه وجسده مع شيعته ، لهذا كانت العبادة في زمن الغيبة أفضل من العبادة في زمن الظهور.
كانت غيبة صاحب الزمان عليه السلام عن شيعته بسبب الأمر الإلهي والعبادة في زمن الغيبة هي مرتبطة بعالم الأمر كذلك هذا إذا ما تعلقت قلوبنا بأدعية مولانا الإمام المهدي عليه السلام في زمن غيبته وهنا نجد نوعين من الأدعية أدعية مرتبطة بنفس الإمام وهي الأدعية التي صدرت من الناحية المقدسة كدعاء العبرات ودعاء سهم الليل مثلا وأدعية مرتبطة بغيبته وهي دعاء الندبة ودعاء زمن الغيبة وكل الأدعية المرتبطة بتعجيل الفرج عموما.
الشيعي المنتظر لمولاه المهدي عليه السلام يكون سلوكه قريبا من الإمام إذا ما حافظ في توجهه العبادي على الدعاء الموجب للظهور والدعاء الموجب للارتباط بالحضرة المهدوية والذي هو الدعاء الصادر عن الإمام نفسه .
السلوك الإنساني البعيد عن التطرف هو الشوق المفرط لصاحب الزمان عليه السلام ولا يكون هذا الشوق إلا عن معرفة خاصة بذات الإمام ولا تكون هذه المعرفة الخاصة إلا بوعي وجودي بدور الإمامة في الوجود.
الوعي الوجودي هو الإرتباط بمصدر الوعي والانتظار للأمر الإلهي.
الارتباط يكون بأدعية الإمام نفسه كدعاء العبرات .
والانتظار يكون بأدعية الإنتظار كدعاء زمن الغيبة والندبة.
اللهم عجل فرج مولانا الإمام المهدي عليه السلام وأجعلنا في انتظارنا مرتبطين بأنفاسه الزكية حتى نخرج من الجهل لكي نخرج من التطرف الموجب للعار.