من عرف نفسه فقد عرف ربه *** أفضل العبادة إنتظار الفرج

(…قال إن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ به الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون). تنبيـــــــــــــــــــــه في غاية الأهمية : موقع العرفان والانتظار مستقل عن أي مجمع أوهيئة أو فرقة أو جماعة أو مذهب أو طائفة أو مؤسسة أرضية .

Monthly Archives: جويلية 2015

النجاة من الحيرة


 

النجاة من الحيرة

علامات الظهور وواجبات المؤمنين

وجاءت نصرة الله

روحي الفدا لنازح ما خطرت

بخاطري ذكراه إلا انتعاشا

أرجو اقتراب وعده معللاً

به فؤاداً لم يزل مشوشا

يا حبذا ساعة لقياه التي

لا يرتجى الدين سواها منعاشا

بسم الله وله الحمد والمجد نصير المستضعفين وأطيب صلواته الزاكيات على سادة أوليائه الصادقين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات، نهديكم أطيب التحيات ملؤها من الله الرحمة والبركات ونحن نرحب بكم في حلقة اليوم من برنامجكم المهدوي هذا وندعوكم لمرافقتنا في الفقرات التالية وهي؛ تربوية عنوانها: النجاة من الحيرة
ثم إجابة عن سؤال مهم من الأخ مرتضى محمد موضوعه هو: علامات الظهور وواجبات المؤمنين.
وأخيراً مع حكاية موثقة أخرى نستلهم منها دروس معرفة إمام زماننا – أرواحنا فداه – عنوانها هو: وجاءت نصرة الله.
أطيب الأوقات وأعظمها بركة نرجوها من الله لنا ولكم مع فقرات لقاء اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب).
تابعونا والفقرة التربوية تحت عنوان:

النجاة من الحيرة

روى الشيخ النعماني – رضوان الله عليه – في كتاب الغيبة بسنده عن عبدالله بن سنان قال:
دخلت أنا وأبي على أبي عبدالله [الإمام الصادق] فقال – عليه السلام – [مبادراً]: كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علماً يرى ولا ينجو من تلك الحيرة إلا من يدعو بدعاء الغريق..
قال عبدالله بن سنان: فقال أبي: هذا والله البلاء فكيف نصنع يا بن رسول الله؟
قال – عليه السلام -: إذا كان ذلك – ولن تدركه – فتمسكوا بما في أيديكم حتى يصح لكم الأمر.
مستمعينا الأفاضل، هذا الحديث هو من الأحاديث الشريفة التي هدانا فيها أهل بيت الرحمة المحمدية – عليهم السلام – الى ما ينبغي لنا فعله في عصر غيبة خاتم الأوصياء المهدي المنتظر – عجل الله فرجه -.
في هذا الحديث الشريف يبين لنا مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – ما الذي ينبغي لنا فعله في حالات تصيب الكثيرين منا في عصر الغيبة.
إنها حالة الحيرة التي تسيطر أحياناً على المؤمن عندما تمر عليه قضية أو حادثة في سلوكه الفردي أو الإجتماعي لا يعرف ما هو الموقف الذي ينبغي له اتخاذه تجاهها لكي يفوز بمرضاة الله عزوجل.
ومعلوم أن الإمام المعصوم هو وسيلة معرفة حكم الله تبارك وتعالى تجاه القضايا المستحدثة في كل زمان، وقد أمر الإمام المهدي – أرواحنا فداه – بالرجوع في عصر الغيبة الى العلماء الأنقياء من رواة الأحاديث الشريفة والعارفين بدقائقها و(معارضيها) لمعرفة حكم الله تجاه الحوادث الواقعة، ولكن يحدث أحياناً عدم تيسر ذلك للمؤمن لسبب أو آخر كحساسية بعض القضايا سياسياً أو شخصياً وغير ذلك أو عدم تمكنه من مراجعة العلماء الأتقياء الذين تتوفر فيهم تلك الصفات، فتصيبه الحيرة، فما الذي يفعله في هذه الحالة؟
هذا السؤال هو الذي يجيبنا عنه مولانا الإمام الصادق، مبيناً لنا أمرين تضمن لنا النجاة من هذه الحيرة:
الأمر الأول: هو الإلتجاء الى لله جلت قدرته إلتجاء من انقطعت به أسباب النجاة الطبيعية، مثل التجاء الغريق الذي فقد الأمل بسبل النجاة الطبيعية، فيدعوه منقطعاً إليه طلباً للهداية التي تنجيه من هذه الحيرة.
والله مجيب الدعاء يتفضل عليه بالحصول على هذه الهداية إما إلهاماً أو عبر أوليائه الصالحين أو عبر اللقاء بإمام زمانه – عجل الله فرجه – وشواهد ذلك كثيرة في سير عباد الله الصالحين والله هو أرحم الراحمين.
أما الأمر الثاني، فهو صدق العمل والإلتزام بما عرفه المؤمن من الحق ومن وصايا الله وأهل بيت النبوة وقيمهم – عليهم السلام -: وهذا الأمر هو المشار إليه في قول الصادق – عليه السلام -: (فتمسكوا بما في أيديكم حتى يصح لكم الأمر) أي أن صدق الإلتزام بتلك الوصايا والقيم الإلهية وصدق الإلتجاء الى الله بالدعاء كدعاء الغريق هو وسيلة إصلاح الأمر أي النجاة من الحيرة فيوصل الله هدايته لعبده عبر أحد أسبابه الخاصة التي أشرنا إليها في الأمر الأول.

متى من بني الزهراء يظهر قائم

فقد ظهرت في العالمين العلائم

لقد عمنا الجور الشديد وعطلت

من الشرع أحكام له ومحاكم

أغثنا رعاك الله يا بن محمد

وأنت بما قد حل فينا لعالم

مستمعينا الأكارم، نتابع من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب).
أيها الأطائب، من الأخ مرتضى محمد وصل البرنامج سؤال يقول:
ذكرتم في برنامج (شمس خلف السحاب) أن من أهداف أهل البيت – عليهم السلام – من ذكر علامات الظهور هداية المؤمنين الى ما ينبغي لهم فعله تجاه الحوادث التي تقع قبل ظهور المهدي المنتظر فما هي أبرز نماذج ذلك؟
نستمع معاً للإجابة عن سؤال الأخ مرتضى من أخينا الحاج عباس باقري:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات وسلام على أخينا الكريم مرتضى، بالنسبة لهذا السؤال في الواقع عندما نستقرأ الأحاديث الشريفة الواردة في علامات الظهور نجد نماذج متعددة وكثيرة للأحاديث التي تنبهنا للتكليف الشرعي الذي ينبغي لنا العمل والالتزام بها اتجاه هذه العلامات. عندما إستقرأنا الأحاديث الشريفة قسمنا هذه الواجبات ضمن عدة طوائف من الأحاديث الشريفة نذكر منها على نحو الخلاصة أهم هذه الطوائف وندعوكم الى التأمل في الأحاديث الواردة فيها لمعرفة التكليف الشرعي تجاهها. هنالك الأحاديث الكثيرة والمروية من طرق الفريقين التي يحذر فيها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وائمة أهل البيت عليهم السلام من الأئمة المضلين، من الدجال، من السفياني، من غيرها من الحركات الإضلالية. هذه الأحاديث الشريفة عندما تذكر فتن هؤلاء الأئمة المضلين وأمثالهم إنما تحدد للمؤمنين تكليفاً واضحاً هو الحذر من هذه الحركات وإجتناب السقوط في حبائلها مهما كانت الشعارات التي تطلقها. تلاحظون هناك دجل، وصف الدجال. يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وهذا المعنى مروي من طرق الفريقين”أشد ما أخاف على أمتي من الأئمة المضلين” لماذا يخاف رسول الله صلى الله عليه وآله؟ لأنه من علامات ظهور الامام المهدي اولاً وثانياً يعيق حركة الامام المهدي سلام الله عليه، يسعى الى إحباط وإجهاض جهود الامام المهدي سلام الله عليه لتمهيد ظهوره او الدجال كمقارب لظهور الامام المهدي يسعى لإفشال الحركة المهدوية فالتكليف الشرعي واضح، هنالك دجل وهنالك إضلال ينبغي الحذر منهما والتدقيق في إتباع الحركات. هذا المعنى ايضاً ورد في طوائف اخرى من الأحاديث الشريفة خاصة المروية عن ائمة العترة عليهم السلام، هذه الأحاديث تؤكد على الرايات المشتبهة حتى فيهم من بني هاشم وهم من العلويين وينتمون الى خط آل البيت عليهم السلام ولكن حسب تعابير الأحاديث الشريفة هم كذابون ويسعون الى إبعاد المؤمنين عن الراية المهدوية النقية. الطائفة الثانية من الأحاديث هي الأحاديث الشريفة التي تذكر علامات معينة للظهور كحروب تقع بين الطائفتين هم على سواء على حسب تعبير بعض الأحاديث الشريفة، هذه الأحاديث تحدد تكليفاً واضحاً وهو إعتزال هذه الحروب وعدم الدخول فيها لأنها فتن كلا طرفيها لايمثلون الحق وليس هو صراع بين حق وباطل ولكن هو صراع بين مرتبة من الباطل ومرتبة اخرى من الباطل وقد يكون تجلي الباطل في هذه المرتبة أشد من الجبهة الأخرى ولكن كلاهما سواء حسب تعبير الروايات الشريفة. الطائفة الثالثة من الرويات الشريفة التي تتحدث عن علامات الظهور هي التي تتحدث عن أفعال بعض التيارات، هذا الأمر واضح جداً في أحاديث الدجال يقوم ببعض الأمور الخارقة للعادة، بعض الأمور التي تظهر ككرامات، بعض الحركات الضالة تستخدم الكثير من أساليب الكرامات وغيرها لجذب الناس وخداعهم والحصول على تأييدهم حتى إفتعال الصيحة السماوية والنداء السماوي الثاني ورد في الروايات أنه بعد النداء السماوي الأول يفتعل الظالمون نداءاً آخر ليضلوا به الناس اذن التكليف واضح، نحن نؤمن بالنداء السماوي الأول وليس الثاني. الطائفة الأخرى من الأحاديث الشريفة هي التي تذكر علامات الظهور ثم تهدي المؤمنين الى مناطق ينبغي إجتنابها ومناطق اخرى ينبغي السكن فيها، هي الروايات التي تتحدث عن البلاد الآمنة قبيل عصر الظهور او المناطق التي ينبغي اللجوء اليها عند ظهور بعض الفتن. شكراً للأخ مرتضى وشكراً للأخوة والأخوات.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه التوضيحات وندعوكم أيها الأطائب الى مرافقتنا ونحن ندخل الى رحاب الحكايات الموثقة لأهل الإيمان ودروسها التي تزيدنا معرفة بإمام زماننا وحباً له – عليه السلام – عنوان حكاية هذا اللقاء هو:

وجاءت نصرة الله

مستمعينا الأفاضل، الإمام المهدي وبحكم كونه – عليه السلام – خليفة الله في أرضه هو المدافع عن حقوق المظلومين، يقوم بهذه المهمة بأكمل صورها وأكثرها شمولية عند ظهوره – عجل الله فرجه – ويقوم بها قدر الإمكان حتى في عصر غيبته، وهذا هو أحد الدروس التي تشتمل هذه الحكاية ندعوكم للتأمل فيها ونحن ننقل لكم ترجمتها مما وثقه حجة الإسلام والمسلمين العالم الورع الشيخ أحمد القاضي الزاهدي في الجزء الثاني من كتابه القيم (عشاق الإمام المهدي).
صاحب هذه الحكاية هو أحد المؤمنين من سكان مدينة (كرج) الإيرانية الواقعة بالقرب من العاصمة طهران، وهو الحاج رمضان علي الزاغري، وقد تعرض لظلم من أحد أتباع الفرقة البهائية الضالة التي كان لها نفوذ في حكم النظام الملكي البهلوي البائد، وفي عهد هذا الحكم حصلت الحكاية التالية، ننقلها لكم بعد قليل فابقوا معنا مشكورين..
قال أخونا الحاج رمضان علي ما ترجمته:
(في حدود سنة ۱۳۸۹ للهجرة إشتركت مع تاجر إسمه محمد كميلي في مشروع مقاولات بناء بيوت وبيعها، وذات يوم جاء رجل من ذوي الدخل المحدود لشراء بيت منها طلب تخفيفاً إكراماً لوجه أبي الفضل العباس – عليه السلام – فاستجبت لطلبه إكراماً لهذا العبد الصالح – عليه السلام – وخفضت له السعر، ولكن شريكي رفض القبول بذلك فآذاني موقفه وتحملت نسبة التخفيض في السعر وحدي، وقررت فسخ الشراكة معه خاصة بعد أن رأيت في مساء ذلك اليوم في عالم الرؤيا الصادقة وكأن جميع البيوت المعدة للبيع في هذا المشروع قد أصابها الدمار وظهر واد مخيف فعلمت أن أوضاعاً صعبة ستواجهنا وهذا ما حدث بالفعل بعد ثلاثة أيام إذ صادرت الحكومة تلك البيوت بعد أن اعتقلت شريكي بتهمة القيام بعمليات تهريب لم يكن لي علم بها.
ورغم أنني لم أتهم في هذه القضية إلا أن الأوضاع الصعبة قد ضغطت علي بسبب مصادرة بيوت المشروع وضغوط الدائنين وأشد من ذلك تهديد وجهه لي أحد التجار إسمه (درخشان) عرفت فيما بعد أنه كان بهائياً؛ فقد كان عنده صك مصرفي بمبلغ نصف مليون تومان قدمته له كضمانة للحصول منه على قرض بهذا المبلغ للمشاركة في مشروع البناء المذكور؛ وقد سلمته كامل القرض مع إهداء ثلاثة آلاف تومان إضافية كتعبير عن الشكر، لكنني لم أسترجع الصك، فلما علم بمصادرة بيوت المشروع هددني برفع شكوى قضائية للحصول على قيمة هذا الصك!
وبسبب ذلك سيطرت علي الهموم واضطررت الى الإنتقال من منزلي واستئجار غرفتين سكنت فيهاه مع عائلتي في منزل إمرأة عجوز صالحة لما عرفت ما أنا فيه قالت لي: يا ولدي، إذا أردت النجاة من هذه الهموم فتوسل الى الله بصاحب الزمان.. إذهب مع موكب الشيخ أحمد الكافي – وكان رضوان الله عليه يومها على قيد الحياة – الى مسجد جمكران في قم واطلب شفاعة إمام الزمان – أرواحنا فداه – لكي تزول عنك هذه المشاكل).
أيها الإخوة والأخوات، وجدت دعوة هذه العجوز الصالحة إستجابة في قلب هذا الحاج وكانت وسيلته للفرج فيما بعد، يقول الحاج رمضان علي في تتمة حكايته:
ذهبت في أول ليلة أربعاء في موكب الشيخ الكافي – رضوان الله عليه – الى مسجد جمكران وتابعت الذهاب وحدي في ليالي الأربعاء اللاحقة أقيم أعمال المسجد المستحبة وأدعو الله حتى أتممت الليلة الأربعين، وخرجت في صباحها من المسجد وقد اشتد بي الغم لعدم حصولي على ما أرجوه، ذهبت لزيارة السيدة المعصومة بنت الإمام الكاظم – عليهما السلام – في قم، ثم رجعت الى منزلي في طهران وقررت يوم الخميس الذهاب لزيارة مرقد السيد عبدالعظيم الحسني في منطقة (شهرري) وضمن ذلك أنقل الركاب بسيارتي التي صارت وسيلة عمل لي.. وفي الطريق وقعت عيناي على شخص واقف على جانب الشارع أشار إلي فوقفت السيارة الى جانبه دون أن أضغط على الفرامل! ففتح هذا السيد باب السيارة وصعد وكان يبدو ابن أربعين سنة وبيده مسبحة وطلعته نيرة، قال لي: أتوسم في وجهك كثرة همومك..
فوجدت نفسي أخبره بما نزل بي وبقصة ذلك الظالم الذي إستغل صحكي المصرفي ورفع ضدي شكوى قضائية وأنا بريء..
قال لي هذا السيد: لا بأس عليك، سيصلح الله حالك وجميع أمورك.
ثم أخرج من جيبه ورقة مطوية وأعطاها لي وقال:
إحتفظ بهذا الدعاء باستمرار وأحمله معك.. إذهب الى دائنيك والى ذلك الظالم فستجد ما تحب..
أخذت نسخة الدعاء ووضعته في جيبي وشعرت بالإضطراب يزول عني.. وإثر ذلك طلب مني التوقف لكي ينزل.. وقال لي: لا تغفل عن هذا الدعاء وعن الإحتفاظ به بالحالة التي أعطيته لك بها..
ثم وضع عدة قطع نقدية في الوعاء الذي أضع فيه الأجرة التي يدفعها المسافرون ثم نزل، وبمجرد أن أغلقت الباب لم أعد أراه، فخشيت أن يكون قد وقع في حفرة أو جدول، فنزلت وذهبت الى الجانب الآخر من السيارة فلم أجد لا حفرة ولا غيرها، فخطر في قلبي أن هذا المسافر المهيب هو مولاي إمام العصر – أرواحنا فداه – الذي ذهبت من أجله أربعين ليلة أربعاء الى مسجده في جمكران..
إثر ذلك أجهشت بالبكاء لمدة طويلة وأنا تتجاذبني من جهة حسرة عدم معرفتي به عند اللقاء ومن جهة ثانية فرحتي بشارته لي بزوال همومي..
مستمعينا الأكارم ويحدثنا هذا المؤمن الصابر (الحاج رمضان علي زاغري) في تتمة حكايته بالظهور السريع لعلائم الفرج الذي بشره به مولاه فيقول:
(ذهبت الى صديقي الوفي السيد حسن مطهري وكان عالماً بأمري فأخبرته بما جرى، فقال لي: لنذهب الآن الى التاجر (درخشان)، فذهبت معه الى هذا البهائي الذي سعى لإستغلال حالتي.. وفور وصولنا هرع لإستقبالي مرحباً ببشاشة لم أعهدها منه قال لي: أين أنت يا حاج زاغري منذ عدة ساعات وأنا أنتظرك، فقد شعرت وكأن رجلاً يشهر علي سلاحه علي ويقول لي وأنا لا أراه: لماذا تظلم الحاج رمضان ألا تخشى الله رد له الصك فقد وفاك دينك.. خذ يا حاج هذا الصك، وهذه الثلاثة آلاف تومان التي أعطيتها لي إضافة الى أصل القرض.. لا أدري ما الذي أصابني؟!
بكيت لما سمعت قوله فسألني عن سر بكائي فقلت له:
أبكي شوقاً وأنا أرى أن الله أنعم علينا بإمام يغيثنا كلما توسلنا به الى الله).
ثم تحسنت أحوالي ولم ألق أزمة مالية ببركة دعاء مولاي إمام العصر – روحي فداه – وتلك القطع النقدية التي وهبها لي.. والحمد لله رب العالمين.
أعزاء المستمعين.. وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.

 

أصحاب الكهف و الهداية الخاصة


بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الكهف والهداية الإلهيّة

إنّ قصّة أصحاب الكهف هي آية من آيات الإمام المهدي عجّل الله فرجه وهي مرحلة موت الأرض الوارد في قوله تعالى (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأََرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (عن أبي جعفر عليه السلام : يعني بموتها كفرَ أهلِها و الكافرُ ميِّتٌ فيُحييها اللهُ بالقائم فيَعدلُ فيها فتحيى الأرض و يحيى أهلها بعد موتهم ) فينطبق قوله (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا)(الكهف/8) وتفقد الأرض زينتها ظاهراً ومعنىً هناك ينتهز الدجال الفرصة ويستغلّ حاجة الناس ويخدعهم بسحره فيهيء لهم الأكل و الشرب وبذلك يجعل الناس يعبدونه من دون الله وأمّا المؤمنون فيطعمهم الله مما يطعم الملائكة (التسبيح و التقديس) ولذلك ورد في شأن سورة الكهف (عن النبى صلى الله عليه واله قال : من قرء عشر آيات من سورة الكهف  لم يضره فتنة الدجال) فقوله (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)(الكهف/9). يحتاج إلى جواب هو : أنّ الأعجب هو مقطع موت الأرض لأنّ الله يأخذ الحياة من كلّ الأرض ثمّ يحيها ويرجع فوج من الناس ومنهم أصحاب الكهف و الرقيم .

والمستفاد من الآيات أنّ  هؤلاء لم يكونوا من عامّة الناس بل كانوا نجباء و شخصيات و شخصيات قومهم

وبما أنّ البلد قد عمّه الكفر وهم كانوا موحدّين فكانوا هم الزينة للبلاد و بذهابهم صارت المدينة صعيدا جرزا، و بهم قد بيّن الله آيتين عجيبتين الأولى : الرقود لا النوم أو الموت وهو آية لموت الأرض الثاني: البعث من الرقاد وهو آية لبعث الموتى .

الآن لاحظ الآية العاشرة و قان بينها و بين الآية السادسة عشر لتعرف السرّ الكامل في هؤلاء و شأنهم العظيم .

قال تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)(الكهف/10).

السؤال : المطروح هنا هو من هم هؤلاء ؟

الجواب : كانوا فتية بما للكلمة من معني فكانوا من أهل  أهل السير و السلوك نعرف ذلك من خلال العبارات التي ذكرها سبحانه عن لسانهم وأيضاً : كانوا رجال لهم الشأن الكبير من الناحية الإجتماعية وذلك لأنّه بعد أن اطلع الناس أنّهم بعثوا توجّهوا إلى كهفهم و أخذوا يتحسسون أمرهم .

فالنقود في حدّ نفسها لا تكون دليلا على الصدق خصوصاً من أراد استخدامها وهي ترجع إلى ثلاثمائة سنة فالجدير أن يتهم بالجنون أو الشعوذة  و لا ضير في ذلك بل توجّه الناس إليهم دليل على انتشار صيتهم بين الناس فكانوا يعرفونهم حقّ المعرفة بحيث صارت قضيّتهم جزءاً لا يتجزأ من تاريخ البلاد. ومن أجل ذلك نشاهد أنّه تعالى لا يذكر أسمائهم بل  يعرفهم بصفاتهم (إنّهم فتية) .

الهداية الإلهية:

أهمّ رسالة نكتسبها من هؤلاء هي أسلوب الهداية الإلهية و الوسيلة إلى النيل للكمالات فهؤلاء هربوا من قومهم لا تلقائيا  بل بهداية من الله تعالى بدليل قوله (وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا)(الكهف/16).  فالخطاب متوجّه إليهم ، فهذه الآية زماناً متقدّمة على الآية العاشرة وهي : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)(الكهف/10).  فالسرّ إذن في إيوائهم إلى الكهف هو الهداية الإلهية (فاووا إلى الكهف) ثمّ:

  • لماذا قالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة ؟ لأنه قيل لهم (يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ)

*ولماذا قالوا (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)؟ لأنّه قيل لهم (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا)

فجميع أقوال و أفعال أصحاب الكهف تتبع الهداية الإلهية طابق النعل بالنعل ، هذا هو العجب العجاب حيث أن هذا النمط من الدعاء خاص بالأنبياء و الرسل  فهذا إن دلّ على شيء يدل على أنّ أصحاب الكهف لم يفروا من المسؤولية أو أنهم انكشفوا أو تعبوا ! كلا ! بل كانوا يريدون الوصول إلى الكمال والرشد  فهداهم الله إلى ذلك .

هنا سؤال يطرح نفسه وهو كيف وصل هؤلاء إلى هذا المستوى  و كيف عرفوا ماذا يطلبونه من الله ؟

هل كان لديهم مرشد ؟  هل أوحي إليهم ؟ الجواب هو : (…إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)(الكهف/13).

جنود المهدي :

إلى أيّ مستوى وصل هؤلاء  ؟ صازوا من جنود الإمام الحجّة الذي سوف يرجعون في صباح الظهور .

السؤال الذي يطرح نفسه هو : ماذا سيظهر في زمن الظهور ؟ الجواب يظهر الأمر (حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)(التوبة/48).  ماذا قيل لهم ؟ (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا) ماذا حدث ؟ ناموا 300 سنة و صاروا من خواص جيش الإمام الحجّة روحي فداه .

النتيجة :

إذا أراد الله أن يهدي شخصا يجعل أمره أمر المهدوية (أمركم ، أمر الله ) بل يربط أمرهم بأمر الإمام المهدي عجّل الله فرجه و يربطه بالكامل بأمر المهدوية ، هكذا في كربلاء : فأصحاب الحسين عليه السلام هم الأفضل في قومهم ابتعدوا عن الناس فأووا إلى الكهف و استشهدوا مع إمامهم ليرجعوا مع الإمام المهدي  فهم أحياء عند ربهم يرزقون وهذا أعظم من الرقاد ،  في زمن الظهور هم رفقاء رغم كونهم من أماكن مختلفة ،  فأصحاب الكهف آية لأصحاب الحسين  من هنا نصل إلى هذا رمز من الرموز  وهو ( لو أراد الله لعبد خيرا يعضعه تحت رحمته و يرفع شأنه فيجعله من رجال الإمام المهدي بل يجعل أمره أمر الإمام كما قال الإمام الحسين (هؤلاء أمرهم أمري) وفرجه فرجه وثاره ثاره ، هذا هو أفضل الطرق للوصول ، فيا أيها الموحدون اسلكوا هذا الطريق فهو الطريق الصحيح وتخلصوا من الطرق الوعرة المنتهية إلى الصحارى و البرارى . … إبراهيم الأنصاري البحراني – 3 شهر رمضان 1436

أصالة التشيع المغربي والولاية التكوينية


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءهم من الأولين والآخرين
السلام عليكم ورحمته وبركاته

أصالة التشيع المغربي والولاية التكوينية

السيد : يوسف العاملي

 

جاء في الزيارة الجامعة الكبيرة (( من وحده قبل عنكم )).
عندما يأتي شخص ويرفض الزيارة الجامعة الكبيرة فهو يرفض التوحيد الإلهي وبالتالي يرفض أهل البيت عليهم السلام.
القبائل الأمازيغية في المغرب القديم عندما شايعت أهل البيت عليهم السلام قبلت عنهم كل شيء فكان تشيعهم لأهل البيت ولاء حقيقي لحقيقتهم النورانية التي فيها ما أعطاهم الله بالجعل الإلهي .
عندما يأتي شخص ويرفض دعاء الندبة هكذا، فهذا يهد التشيع من أصله لأن التشيع في زمن الغيبة هو شوق ممزوج بالحب والفناء في صاحب الأمر عليه السلام ودعاء الندبة كله شوق وفناء في صاحب الأمر.
التشيع ليس سياسة مواقع وليس سياسة ظهور في الشارع وليس البحث عن السلطة في قلوب الناس أو المجتمع أو البحث عن قيادة الجماهير كل هذه أمور خارجة عن التشيع ، التشيع لا تعريف له عند من يريد أن يتوافق مع الشارع أو العامة  فلو كان التشيع هكذا لصار تابعا لجهات أرضية تلعب فيه الحظوظ والمواقع لعبتها.
الأمازيغ المغاربة عندما شايعوا أهل الحقيقة أهل البيت عليهم السلام ، كان ذلك نابعا من التصديق الفعلي لمركزية أهل البيت عليهم السلام في الكون والعالم وليس من أجل سياسة دولة أرضية.
فعندما نرفض الولاية التكوينية لأهل البيت عليهم السلام لا نستطيع ان نرد التشيع المغربي لأصالته أبدا فالمغربي يقول في دعائه دائما “أسالك بجاه فاطمة الزهراء عليها السلام ” وهذا موافق تماما للولاية التكوينية التي يرفضها بعض من أراد تشيعا مليئا بالكثرة العددية والتعبئة الجماهيرية.
في أقوال عرفاء المغرب نجد قولة شعبية مفادها (قلة من النحل ولا كثرة من الذباب).

 الزائرين للمقامات الروحية في المغرب وخصوصا من تشبع أجداده بحب أهل البيت عليهم السلام يمرغون وجوههم على المراقد المقدسة في المغرب كمولاي إدريس الأكبر بزرهون ومولاي إدريس الثاني بفاس المدينة الفاتنة للعشاق .
استغرب لمن أراد أن يشيع المغاربة بالفكر وهم متشيعون بالفطرة ،معادلة معكوسة ومنكوسة.
فعالم الأفكار هو أخر عوالم الوجود ؟
المغاربة أصالتهم هي التشيع وهذه الأصالة نابعة من الولاية التكوينية ومركزية أهل البيت عليهم السلام في العالمين.
المغربي لا يقبل أحد يجادله في مظلومية الزهراء سلام الله عليها ولا يقبل أحد يشككه في تراث أهل البيت عليهم السلام لذا فمن أراد أن يوافق المغاربة تشيعهم وأصالتهم عليه أن يوافق باطنهم المليئ بحب أهل البيت عليهم السلام .

 

السر العرفاني في الاتفاق النووي


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءهم من الأولين والآخرين
السلام عليكم ورحمته وبركاته

السر العرفاني في الاتفاق النووي

السيد : يوسف العاملي

مفاوضات شاقة  بين الغرب المادي الامبريالي والجمهورية الإسلامية في إيران مع بداية الألفية الثالثة تستمر أكثر من عشر سنوات توجهت باتفاق ، ظاهرها هو الاتفاق وباطنها هو دوران الزمان  كيف ذلك ؟

تتغير الأزمان بتغير الشرائع وتتغير الشرائع بتحرك الأفلاك ، وتجري  الأفلاك  بنفس الإنسان  الكامل.

الغرب المادي  هو يحمل سر أخر العوالم الإلهية وهو العالم المادي .

الجمهورية الإسلامية في إيران  تحمل سر الزمن الأول الأزل.

في الظاهر الكل يقول أنها مفاوضات وفي الباطن  هي تقارب الأزمان استعداد للانقلاب الكوني الشامل.

حتى وإن  لم تنجح هذه المفاوضات  ظاهريا  فهي في الباطن لها فعالية فاعلة في تغير الزمان ورجوعه إلى أصل بدايته.

فعندما يرجع الزمان إلى أصل بدايته ، فهذا يعني رجوع  الإنسان إلى خالقه.

تتحرك  الشخصيات في الظاهر  لكن من يحركها هو ذلك السر المكنون في الباطن .

لم تتغير الجمهورية الإسلامية في إيران بالمفاوضات لكن الذي تغير هم الغرب كيف ذلك ؟

الجمهورية الإسلامية في إيران  رغم ما حققته  هي ما زالت على مبادئها الإنسانية الثورية في رفض الظلم وتعريف الناس على مختلف دياناتهم ومذاهبهم ومناهجهم في العالم أن من يمثل هذا الظلم في زمننا هذا هو أمريكا الشيطان الأكبر.

الغرب المادي يرى في الاتفاق النووي مدخلا ثقافيا لاختراق الجمهورية الإسلامية في أصل مبادئها الإنسانية،  لهذا هو يجرب أخر ورقة في أخر لعبة سوف يلعبها مع من يحمل حكمة الزمان  في ثقافته وهم الايرانيون.

لعبة الشطرنج هذه خطيرة جدا فكل حركة فيها هي من أجل أن تخسر الكل أو تربح الكل.

الجمهورية  الإسلامية في إيران  تتعامل مع الغرب بحكمة الإنسان  الوارث لسر الرب في الأرض بينما الغرب المادي يريد ازالة هذا الفكر الإنساني بمحاصرته ودمجه في ثقافته المادية الزائلة فمن ينتصر يا ترى ؟

سينتصر الإنسان على من انتحل صفة الإنسان ؟

من يمثل الإنسان  سوف ينتصر ومن ينتحل صفة الإنسان سيخسر خسرانا مبينا.

الأعراب خسروا إيران لكن وهم كذلك لم يربحوا الغرب المادي ؟؟؟؟

الأعراب أول من يتورط  في النزاعات  وأخر من يعلم أنه لعبة في يد الآخرين .

الأعراب هم قطعة الشطرج  التي سترفع  في نهاية اللعبة لكن قبل أن ترفع وتطوى وتنسى، يسلم اللاعبين بعضهم على بعض وهم في ضحكات ،الخاسر لخسرانه وغبائه والرابح في نشوته.

لا يصح إلا الصحيح  والصحيح هو الإنسان المحاور للوجود بكل أشكاله و تجلياته.

الله جلا جلاله حاور الشيطان لاقامة الحجة الكاملة عليه.

الجمهورية الإسلامية في إيران على مستوى الفعل الإلهي تحاور الشيطان الأكبر  أمريكا.

حاور الله الشيطان في أصل الخليقة الأولى فكانت لعنة الله على الشيطان، وحاورت الجمهورية الإسلامية الشيطان  الأكبر لتكون الحجة البالغة والكاملة وظهور الوقت المعلوم الذي استمهل الله فيه الشيطان فأمريكا اليوم استعمرت كل عقول الناس في العالم بمنتوجاتها واعلامها الدجالي وبالتالي فالشيطان كما قال نفذ كل ما وعد به في قول الله تعالى ((  قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا)). الاسراء 62

لقد  ربح  الشيطان الأكبركل ذرية ادم الغير المخلصة للأمر الإلهي وربحت الجمهورية الاسلامية في إيران كل أحرار العالم ، لأنها لم تتنازل قيد أنملة على مبادئها.

سيفرح العالم  بالاتفاق لكن الذي يجب أن يفرح به أكثر هم مسضعفوا العالم الأحرار لأنهم سيرون فيه نهاية الشيطان الأكبر وظهور الوقت المعلوم.

ما هو سر إسم الله الأعظم والأبجدية السرية

أمير المؤمنين عليه السلام و آدم بين الروح و الجسد


بسم الله الرحمن الرحيم

(أمير المؤمنين)

من الأولين و الآخرين

(الحلقة الأولى)

موضوع البحث هو بيان السرّ في إطلاق (أمير المؤمنين) على شخص علي بن أبي طالب عليه السلام لا غير حتّى الأنبياء والأولياء عليهم السلام ! وهذا ما يتطلّب الإثبات من خلال القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله و أهل البيت عليهم السلام وقبل الخوض في العمق نتطرّق إلى بعض الأحاديث الدالة على أنّها لقب علي بن أبي طالب :

*الأول: عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لما اسرى بي إلى السماء كنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلي ربي ما أوحى، ثم قال: يا محمد، اقرء (علي بن أبي طالب أمير المؤمنين) فما سميت به أحدا قبله ولا أسمى بهذاً أحدا بعده) البحار: ج 37 ص 290 عن أمالي الشيخ ص 185.

*الثاني : قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبة حجة الوداع: (الا وان الله تعالى قال وإني أقول عن الله: (انه ليس أمير المؤمنين غير أخي ولا تحل إمرة المؤمنين لاحد بعدي غيره) اليقين: الباب 127.

*الثالث: عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في حديث: (…لم يسم بها والله بعد علي أمير المؤمنين إلا مفتر كذاب إلى يوم الناس هذا) اليقين: الباب 110

*الرابع: عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في حديث ذكر أنه صلى الله عليه وآله أمر قوما – منهم أبو بكر وعمر وعثمان – أن يسلموا على علي عليه السلام بامرة المؤمنين، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: (ان هذا اسم نحله الله عليا عليه السلام ليس هو إلا له) اليقين: الباب 117

*الخامس: قال رجل للصادق عليه السلام (أمير المؤمنين). فقال: مه ! فانه لا يرضى بهذه التسمية أحد إلا ابتلاه الله ببلاء أبي جهل )البحار: ج 37 ص 334.

*السادس: قال رجل لجعفر بن محمد عليهما السلام: تسلم على القائم بإمرة المؤمنين ؟ قال: لا، ذلك إسم سماه الله أمير المؤمنين، لا يسمي به أحد قبله ولا بعده إلا كافر. قال: وكيف نسلم عليه، قال: تقول (السلام عليك يا بقية الله.[ تفسير فرات: ص 64 ].

*السابع :جاء في تاريخ ابن عساكر[ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )” أسكب إلي ماء أو وضوءا” فتوضأ ثم قام فصلى ركعتين ثم قال: ( يا أنس أول من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين سيد المؤمنين علي).

*الثامن: عن سالم المنتوف قال : كنت مع علي في أرض يحرثها حتى جاء أبو بكر وعمر ، فقالا : سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فقيل : كنتم تقولون في حياة رسول الله ( ص)؟ ! فقال عمر : هو أمرنا بذلك.

متى سمي علي أمير المؤمنين:

لا بد أن نقف هنا قليلا و نركّز على الحديثين :

*الأول: قال النبي صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى سدرة المنتهي قال الله تعالى: (قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصياً ونحلته علمي وحلمي وهو أمير المؤمنين حقاً لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده) اليقين: الباب 22.

*الثاني: عن إبن عباس قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: السلام عليك يا رسول الله. فقال: وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ! فقال علي عليه السلام: تدعوني بأمير المؤمنين وأنت حي يا رسول الله ؟ ! ) ثمّ نقل قصّة جبرئيل الأمين أنّه سماه أمير المؤمنين فقال صلى الله عليه وآله ( يا جبرئيل، كيف سميته أمير المؤمنين ؟ فقال: كان الله تعالى أوحى إلى في غزوة بدر (أن أهبط إلى محمد ومره أن يأمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يجول بين الصفين، فإن الملائكة يحبون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصفين). فسماه الله تعالى من السماء أمير المؤمنين ذلك اليوم. فأنت – يا علي – أمير من في السماء وأمير من في الأرض وأمير من مضى وأمير من بقي. فلا أمير قبلك ولا أمير بعدك، لأنه لا يجوز أن يسمى بهذا الإسم من لم يسمه الله تعالى به. [ مائة منقبة لابن شاذان: المنقبة 26 ].

*الثالث : وروى القندوزي الحنفي عن محمد بن الحسن بن علي عن أبيه عن جده علي رفعه 😦 إن في اللوح المحفوظ تحت العرش مكتوبا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين)

*الرابع: وأيضا روى القندوزي الحنفي [ عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين لما أنكروا فضائله ، سمي بذلك وآدم بين الروح والجسد ، وحين قال (سبحانه ) ألست بربكم قالوا : بلى. فقال الله تعالى : أنا ربكم ، ومحمد نبيكم ، وعلى أميركم)

تساؤلات :

لم أطلق عليه أمير المؤمنين و لم يطلق عليه أمير المؤمنين ؟ فليكن ملك المؤمنين أو خليفتهم ؟ و ماذا هو المقصود من كلمة أمير؟ أقول في الجواب : إنّها تشير إلى القيادة في الحرب ، وهل كان هناك حربٌ أو سيكون في المستقبل ؟ ثمّ كون عليٍّ عليه السلام أميراً قائداً للمؤمنين يتطلّب وجود أمير آخر يقود الفاسقين و الكافرين و المشركين ؟ نعم هو إبليس اللعين ! من هنا نستنتج أنّ هناك جيشين متقابلين ، جيش يقوده عليّ وهو حزب متناسق في الباطن أطلق عليه القرآن حزب الله و جيش متشتت في الباطن يقوده الشيطان وأطلق عليه حزب الشيطان ، فبالنسبة إلى حزب الله و قائدهم قال :(إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ)(المائدة/55 و56). وبالنسبة إلى حزب الشيطان و قائدهم قال (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ)(المجادلة/19).

وهنا سؤال يطرح نفسه وهو : متى سيعرج حزب الله إلى قمّة الغلبة و متى سينحدر حزب الشيطان في هاوية الخسران ؟ هذا ما سيتضح لك فيما بعد إن شاء الله تعالى .

أهميّة الموضوع :

لقائل أن يقول ما مدى ضرورة هذا البحث في الزمن الحالي وهل لهذا الموضوع تأثير إيجابي في الأمّة ، ألا يكفي حبّ أمير المؤمنين وولاءه وتمجيده وتعظيمه إلى الغاية مادام لم نمنع من ذلك حيث بل الأحاديث تؤكّد على ذلك ففي البحار نقلا عن الخصال للشيخ الصدوق بسند معتبر : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( إيّاكم والغلوّ فينا ، قولوا : إنّا عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ) بحار الأنوار .274 / 25

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (لا تتجاوزوا بنا العبودية ، ثمّ قولوا ما شئتم ، ولن تبلغوا ، وإيّاكم والغلوّ كغلوّ النصارى ، فإنّي بريء من الغالين ) بحار الأنوار .274 / 25

ولا شك أننا لا ندعي أنّهم و العياذ بالله أبناء الله كما تدّعي النصاري ، فلنا أن نقول فيهم ما شئنا وما ضرورة إطلاق (أمير المؤمنين) على علي بن أبي طالب و ما أهميّة معرفة السرّ في ذلك ؟

أقول في الجواب :

إنّ معرفة السرّ في ذلك لها دور كبير في إيماننا نحن العبيد ولها تأثير عظيم في مواقفنا خصوصاً و نحن نعيش عصر الغيبة الكبرى ، كذلك لها آثارها في نشأة الدنيا و نشأة والبرزخ و الرجعة والقيامة ، بحيث لو لم نعرف حقيقة هذه الكلمة أعني (أمير المؤمنين) و نحن في هذه النشأة ، لما تمكنّا من اكتساب فضائله عليه السلام و لما وفقنا للعيش في ظلّه هناك .

ولكي نحسّ بالأهمية نذكر مثالا مقرّباً ، لو فرض أنّ طفلا قد افتقد أباه وبعد أن بلغ السادسة في العمر احتضه رجل أجنبي و تبنّاه و هو في الحقيقة ليس أجنبي هو أبوه و يعلم بأنّ هذا ولده ولكن الولد يعتقد بأنّ الرجل أجنبي عنه فلا يتعامل معه كأب بل كانسان خيّر قد تبناه ، ولكن بعد أن مات الرجل أخبروا الولد بأنّه بالفعل كان أباه ! تصوّر كم سيتأذَى هذا الولد و يعاتب نفسه و يتأسف على مواقفه تجاهه و على عدم احترامه و تعظيمه كأب ، فمهما كان الولد يكن الإحترام للرجل لا يكفى ذلك .

فلا محيص إلا أن نتعرّف على إمامنا بما هو أمير المؤمنين و لا بدّ أن نعرف السرّ في ذلك لأنّه بذلك سننظر إليه نظرة أخرى و نقبس من نوره شعاعاً آخر ، كما أننا سننتظر فيوضاته المستقبلية باشتياق أكبر ، لأننا حينئذٍ سنقف على ما سيفيضه علينا وسنكون في أتمّ الإستعداد لنصرته و الإنقياد لأوامره والإستباق إلى إرادته صلوات الله عليه . كما أنه نظرياً سينكشف لنا محتوى كثير من الآيات و الأحاديث الغامضة ، ويا له من انجاز عظيم.

الملك و الأمير:

لا شك أنّ النبي الأكرم هو مَلك الوجود في جميع الأكوان وقد ورد عنه صلى الله عليه وآله ( كنت نبياً و آدم بين الماء و الطين ) وقد رواه الشيعة و السنة بألفاظ متعددة راجع المستدرك – الحاكم النيسابوري ج 2 ص 608 : وعن ميسرة العجر قال قلت يارسول الله متى كتبت نبيا قال (وآدم بين الروح والجسد ) الدر المنثور – جلال الدين السيوطي ج 5 ص 184 وقد مرّ الحديث في شأن أمير المؤمنين عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين لما أنكروا فضائله ، سمي بذلك وآدم بين الروح والجسد..) فكلاهما كانا قبل أن يخلق النبي آدم

لواء الحمد :

وروى ابن حسنَوَيه ( ت 680 هـ ) في ( درّ بحر المناقب:78 ـ من المخطوطة ) بالإسناد إلى أبي ذرّ رضي الله عنه قال: أمَرَنا رسول الله صلّى الله عليه وآله أن نسلّم على أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه وقال: « سَلِّموا عليه بإمرة المؤمنين، وأنّه وليُّ كلِّ مَن يسكن الأرض إلى يوم العرض. ولو قدّمتموه لأخرَجَت لكمُ الأرض بركاتِها؛ فإنّه أكرمُ مَن عليها مِن أهلها ».
قال أبو ذرّ: فرأيت ( فلاناً ) وقد تغيّر لونه وقال: أحَقٌّ من الله يا رسول الله ؟! قال: « حقٌّ من الله أمَرَني به، وبذلك أمَرتُكم ». فقام وسلّم عليه بإمرة المؤمنين.

و لهذا الملك أمير وقائد قد أعطاه لواء الحمد ، روى الخوارزمي الحنفي وأيضاً في المناقب: ص 221 بسنده إلى جابر الأنصاري، قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: ( أوّلُ مَن يدخل الجنّة مِن النبيّين والصدّيقين: عليُّ بن أبي طالب )، فقام إليه أبو دُجانة فقال له: ألم تُخبِرنا عن الله تعالى أنّه أخبرك أنّ الجنّة محرّمةٌ عل الأنبياء حتّى تَدخلها أنت، وعلى الأمم حتّى تدخل أمّتُك ؟ قال: ( بلى، ولكنْ أمَا علمتَ أنّ حامل لواء الحمدِ أمامَهم ؟ وعليُّ بن أبي طالبٍ حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يَدَيّ، يدخل به الجنّةَ وأنا على أثره ، فقام عليٌّ عليه السلام وقد أشرق وجهه سروراً ويقول: الحمدُ للهِ الذيشرَّفَنا بك يا رسول الله ) ( رواه ابن شاذان أيضاً في: مئة منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام:81 / ح 49 ) فأمير المؤمنين على الإطلاق هو علي بن أبي طالب عليه السلام .

حسد إبليس:

المفروض أن تتجلّى إمارته عليه السلام ظاهراً كما هي في الباطن إلا أن هناك مشكلة حالت دون ظهور الإمارة وهي أنّ إبليس وسوس إلى آدم فهبط و أخرج من الجنّة ثمّ أراد المهلة  يوم القيامة : (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً)(الإسراء/62). وفي آية أخرى يقول (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(الأعراف/14). والله سبحانه قبل ذلك (قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ)(الأعراف/15). (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)(الأعراف/16). فهو لا يترصد إلا للمؤمنين أعني شيعة علي عليه السلام حيث أنّهم هم جنود ذلك القائد العظيم الذي أعلن حربه ضدّ إبليس اللعين وفي آية أخرى (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(الحجر/36). (قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ)(الحجر/37). ولكن حدّد الله نهاية انتهاء الأمد بقوله (إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(الحجر/38). فقال (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(الحجر/39). (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(الحجر/40). فمن هم هؤلاء؟ قد بيّن الله رؤيتهم و سبيلهم بقوله (قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ)(الحجر/41). وهذا الصراط هو العالي المستولي . وفي آية أخرى (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(ص/79). (قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ)(ص/80). (إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(ص/81). إلى أن قال (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)(ص/88). متى هو هذا الحين ؟ هو الوقت المعلوم ففي حديث قال الامام الباقر عليه السلام: (هو أمير المؤمنين عليه السلام. ” ولتعلمن نبأه ” بعد حين ” قال: عند خروج القائم عليه السلام) البرهان: ج 2، ص 441، ح 1.

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك ان الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية (( عم يتساءلون عن النبأ العظيم )) قال.. ذلك الي ان شئت اخبرتهم وان شئت لم اخبرهم، ثم قال: لكني اخبرك بتفسيرها قلت (عم يتساءلون) قال فقال: هي في امير المؤمنين (عليه السلام) كان امير المؤمنين (عليه السلام) يقول: مالله عزوجل آية هي اكبر مني ولا لله من نبأ اعظم مني. (الكافي ج1 ص161)

(أمير المؤمنين)

من الأولين و الآخرين

(الحلقة الثانية)

لماذا صارت الدنيا دولة إبليس ؟

إنّ إبليس كان كافراً من قبل أن يأمر بالسجود كما قال تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا ِلأَدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ)(البقرة/34). وأيضاً في قوله تعالى (فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ)(ص73 و 74). و كانت الأنانية هي الحاكمة في وجوده كما يستفاد من قوله تعالى (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ، قَالَ لَمْ أَكُنْ ِلأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(الحجر32 و 33). هذا التعبير مليء بالأنانية والإستكبار و العنجحية كما يدلّ على الحسد بالنسبة إلى آدم حيث ركّز على الصلصال ولعلّه تعالى عندما قال ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(الحجر/28). ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)(الحجر/29). أراد إمتحان إبليس اللعين و إظهار ما في باطنه من الكفر ورأيت كيف كرر نفس التعبير عندما أراد أن يبرر موقفه في قبال آدم عليه السلام .

العزّة :

ولكن رغم ذلك قد استغل علمه بالأسماء و الصفات الإلهية وكما قال بعضهم (قد تعرّف على الإسم الأعظم) فتوسّل بعزّة الجبار فقال (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ)(ص 79 – 83). فالطريقة التي انطلق من خلالها إبليس كانت متطابقة مع النظام الإلهي ، وبما أنّ المهلة لم تكن إلى يوم القيامة بل إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم ظهور الإمام الحجّة روحي فداه كما في الحديث عن الامام زبن العابدين عليه السلام) ” الوقت المعلوم يوم قيام القائم، فإذا بعثه الله كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو على ركبتيه فيقول: يا ويلاه من هذا اليوم، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم منتهى أجله ) البحار: ج 52 ص 376 ب 27 ح 178 فالأمر إذن أصبح سهلاً حيث لا قيمة للدنيا في قبال دولة الحق وكما عبّر الحق تعالى يوصف الدنيا (…وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ)(الرعد/26). (…فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ)(التوبة/38). (… وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)(آل عمران/185). (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ)(آل عمران/196). (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(النساء/77). (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ…)(النساء/78).(… وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)(البقرة/36). فالمهلة لإبليس و أعوانه قليلة جداً وهي ما عبّر الله عنه (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ، وَأَكِيدُ كَيْدًا ،فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا )(الطارق15-17).فعن الامام الصادق عليه السلام (..فمهل الكافرين يا محمد، أمهلهم رويدا لوقت بعث القائم عليه السلام فينتقم لي من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس ) القمي: ج‍ 2 ص‍ 416

من الدنيا إلى الآخرة !

الخطأ الذي ارتكبناه هو أننا نتصوّر أننا سننتقل من الدنيا مباشرة إلى الآخرة ، وهذا التصوّر قد غرس جذوره في وجودنا و دمّر عقائدنا و أخلاقنا و أعمالنا وجعلنا متخاذلين متهاونين مأيوسين والحال أن قبل الدخول في عالم الآخرة هناك دولة كريمة لأهل الحق كما في الدعاء (اللهمُ اِنا نَرْغَبُ اليكَ في دولةٍ كريمةٍ تُعِزُّ بها الاسلامَ واَهلَه، وتُذِلً بِها النِفاقَ واَهله، وتَجْعَلُنا فيها من الدُعاةِ إلى طاعَتِك، والقادَةِ إلى سَبيِلِك، وترزُقُنا بها كرامةَ الدنيا والاخرة) فلماذا تجاهلناها ، وفي الحقيقة كلّ الدنيا بما فيها التي هي دولة إبليس هي كالقطرة في البحر ! والمعروف أن للباطل جولة و للحق دولة ، فمن كان يعتقد أنّ وراء الدنيا الذي هو يوم العمل هو الآخرة الذي هو يوم الجزاء لا غير فهو يشبه من يطلق كلمة الشجرة على غصن يشتمل على وردة واحدة فقط !

سكوت أمير المؤمنين:

ههنا نريد القول أنّ (أمير المؤمنين) وله القيادة العامّة قد سمح لنفسه أن يتأخّر قليلا ليأتي قائد الفسقة أعني إبليس اللعين و يبدأ بالتجوال في هذه الأرض ، فهو كالملاكم الذي يتراجع ليضرب ضربته القاضية وهذا ما يشير له دعاء الندبة ( فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ وَجَرَىٰ الْقَضَاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجَىٰ لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، إِذْ كَانَتِ الأَرْضُ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ومن هنا نعرف السرّ الكامن في سكوت أمير المؤمنين علي عليه السلام فهو عليه السلام بما أنّه خليفة الله لا دور له إلا تنفيد ما شاء الله وهو إعطاء المهلة لإبليس اللعين لكي تنكشف حقيقته الخبيثة .

لذلك تراه يدعوا ويقول : ( اَللَّهُمَّ قَدْ كَرِهْتُهُمْ وَ كَرِهُوني، فَأَرِحْني مِنْهُمْ وَ أرِحْهُمْ مِنّي) (اَللَّهُمَّ اِنّي سِرْتُ فيهِمْ بِما اَمَرَني رَسُولُكَ وَ صَفِيُّكَ، فَظَلَمُوني، وَ قَتَلْتُ الْمُنافِقينَ كَما اَمَرْتَني فَجَهِلُوني، وَ قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّوني، وَ اَبْغَضْتُهُمْ وَ اَبْغَضُوني وَ لَمْ تَبْقَ خَلَّةٌ اَنْتَظِرُها اِلاَّ الْمُرادِيِّ اَللَّهُمَّ فَعَجِّلْ لَهُ الشَّقاءَ، وَ تَغَمَّدْني بِالسَّعادَةِ، اَللَّهُمَّ قَدْ وَعَدَني نَبِيُّكَ اَنْ تَتَوَفَّاني اِلَيْكَ اِذا سَأَلْتُكَ، اَللَّهُمَّ وَ قَدْ رَغِبْتُ اِلَيْكَ في ذلِكَ)

دعاؤه في شكواه من قومه في سُحرة اليوم الذى ضرب فيه: قال ابوالفرج: قال الحسن بن علي عليهما السلام: خرجت و ابي يصلّي في المسجد، فقال لى: يا بنى انّي بتّ الليلة اوقظ اهلي – الى ان قال: (مَلَكَتْنِي عَيْنِي وَ أَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي ؟ رَسُولُ اَللَّهِ ص ؟ فَقُلْتُ يَا ؟ رَسُولَ اَللَّهِ ؟ مَا ذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ اَلْأَوَدِ وَ اَللَّدَدِ فَقَالَ اُدْعُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ أَبْدَلَنِي اَللَّهُ بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وَ أَبْدَلَهُمْ بِي شَرّاً لَهُمْ مِنِّي قال الشّريف : يعني بالأود : الاعوجاج ، و باللّدد : الخصام ، و هذا من أفصح الكلام )

حقائق تاريخية حول جريمة هدم قبور البقيع

الإمام المهدي عليه السلام في مسار أيام الشأن الإلهي


بسم الله  الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءهم من الأولين والآخرين

السلام عليكم ورحمته وبركاته

الإمام المهدي عليه السلام في مسار أيام الشأن الإلهي

السيد : يوسف العاملي

جاء  في محكم التنزيل : (( سنفرغ لكم أيها الثقلان )).

ويقول ايضا :

(( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن فبأي آلاء ربكما تكذبان)).

كما يقول أيضا :

(( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )).

عالم الأمر  وعالم  الخلق  وعالم الهداية، هي  ثلاثة عوالم  إلهية من  أيام الشأن الإلهي.

دار الزمان على سبعة أيام فما هي هذه الأيام  السبعة وما شأنها في الأمر والخلق والهداية ؟

كان الله كنز مخفي فأحب أن يعرف فخلق الخلق ليعرف فما هو هذا الخلق الذي عرف به الله ؟

لا يعرف سر الكنز المخفي إلا الفقراء ((  إلهِي كَسْرِي لا يَجْبُرُهُ إلاَّ لُطْفُكَ وَحَنانُكَ، وَفَقْرِي لا يُغْنِيهِ إلاَّ عَطْفُكَ وَإحْسانُكَ)) مناجاة المفتقرين

عطف الله  وإحسان الله. يغنيان العبد الفقير.

الحسين عليه السلام هو الحامل لاسم الله  قديم الإحسان فمن لا غنى له بالحسين عليه السلام فهو في الفقر المعدم.

سر الخليقة والوجود والكينونة هو سر العارف الفقير إلى الله.

عندما تفتقر في بلاد جغرافية فأنت تهاجر إلى بلاد أغنى منها ، فطلب الغنى هو حاجة وجودية  .

الله غني بذاته محب لذاته محب في إظهار أثاره.

الغني في ذاته هو كنز مخفي فأحب أن يعرف فخلق الخلق ليعرف فكان أهل البيت الأربعة عشر هم خلق الله في أيام  الشأن الإلهي.

فلماذا ينكر الكثير هذا المعطى الواقعي الحقيقي في وجودنا ؟

ينكر هذا المعطى الكثير من الناس لأن أيام الشأن الإلهي هي من إختصاص الهوية الإلهية تلك  الهوية المحيرة للأفهام .

عندما يريد الإنسان أن يلعب مع طفله قد يحيره في لعبة ما حتى يضحك الوالد لحيرة طفله فبقدر ما يحير الطفل يكون جزاؤه من طرف الأب.

هكذا نحن الخلق مع الله فحيرتنا في الله لا حدود لها ولا نهاية لنهايتها لكن وهي كذلك كان أهل البيت عليهم السلام هو ذلك العطاء الإلهي الذي أدركنا به أنفسنا في الهوية الإلهية.

عندما كنت في إحدى الأمسيات العلمية في إحدى القرى من الجنوب اللبناني سألتني فتاة  هذا السؤال : (إعطني دليل قوي على أحقية مذهب أهل البيت عليهم السلام ) ،فقلت لها مباشرة افتحي يدك ففتحت فقلت لها عدي مفاصل يدك فقالت لي بعدما عدتها أنها 14 مفصلا .

العدد 14  هو رمز البصيرة .

رمز الوجود  هو العدد 14.

أهل البيت عليهم السلام هم 14.

قلت لها ذلك  قبل أن نشاهد  جميعا الحلقة التي لم تبث  في الترجمة العربية لسلسلة يوسف الصديق عليه السلام حيث جاء ملك الوحي ليذكر النبي والرسول يوسف عليه السلام برمز الوجود الموجود في مفاصل يده أهل البيت  عليهم السلام .

فالذي ألهمني النطق بسر الوجود هذا قبل أن نشاهده على شاشة التلفاز  في حلقات المسلسل يوسف الصديق عليه السلام هو الملهم لكل إنسان أراد التحقق بحقيقة الحقيقة.

أكرمني الله بهذا الإلهام فجاء الخبر يؤكده عبر الرويات وهذا هو التحقق، فالحقائق هي حقائق واقعية ، فمن كوشف بها قد كوشف بها ومن أنكرها فقد أنكرها.؟

والسؤال كيف وقع الكشف لهذا ووقع الإنكار لهذا ؟

الجواب على هذا السؤال هو نفسه الأمر المحير فلا يوجد في الحقيقة جواب عرفاني أو كلامي أو علمي لهذا السؤال لأن الذي سوف يجيب عن هذا السؤال هم أهل الله القائمون بحب الله في ذواتهم أو الناكرون.

السؤال الوجودي الذي يكون مصدره الأثنينية هو سؤال لا جواب له في الحقيقة.

أهل الله هذا السؤال عندهم حقيقة معاشة مذاقة والناكرون عندهم هذ السؤال شك قاتل لقبول الوجود . فلا يوجد منطقة مشتركة بينهما إلا على صعيد الوهم الظاهري فقط.

المفارقة هي وجودية وليست عقلية لهذا الجواب عن هذا السؤال سيبقى من المستحيلات الموجودة على مستوى الذهن والخيال .

الناس غارقون في عالم المثال (( ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم )).

الله بكل شيء عليم .

فمن كان في المشيئة شاء بما شاء الله ومن خرج  من المشيئة ما كان شيئا مذكورا فما شاء بما شاء الله.

المشيئة هي أول شيء خلقه الله فبالمشيئة خلقت الأشياء كلها .

الحسين عليه السلام قال في شهادته  الكبرى  شاء الله  أن يراني قتيلا  ولم يقل كلمة ((” أراد”   لا سمح الله )).

الحسين عليه السلام هو رأس الخيط في كبة الخيط الكبيرة . فمن عرف رأس الخيط في الكبة الكبيرة  عرف نهايته أيضا  وهو مولانا  الإمام المهدي عليه السلام.

بدأ الله ظهوره بالأمر الإلهي فكانت مولاتنا الزهراء عليها السلام هي الممتحنة قبل الخلق فبدأ خلق الكون بالنقطة فكان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام هو تلك النقطة، فبالنقطة كان للمكان  وجود وكان كل ذلك في  يوم الأحد السعيد عند نزول الشمس بيت شرفها . ( الشمس هنا هي مولاتنا الزهراء عليها السلام حيث نزلت إلى عالم الخلق  فظهور زهرائية الزهراء هي شرف مولاتنا الزهراء عليها السلام ).

وهكذا باقي أيام الأسبوع فهي دارت على سر أهل البيت عليهم السلام  في الوجود فالإثنين للحسن والحسين والثلاثاء على الإئمة علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام والأربعاء على الأئمة موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والخميس على مولانا الحسن العسكري والد الإمام المهدي عليه السلام والجمعة على مولانا الإمام بقية  الله  المهدي عليه السلام .

فكما كان العسكر على بيت موالانا الحسن العسكري عليه السلام أثناء ولادة صاحب الزمان عليه السلام  نجده اليوم وقد رجع وبشكل أخر لمحاصرة عاصمة ملكه الكبير العراق وما حولها في منطقة ما سماه الاستكبار العالمي الشرق الأوسط . فنحن الشيعة ندرك في أعماقنا حقيقة هذا الحصار وما غايته إنه سؤال وجودي محير  للقوى الشيطانية عن ماهية وجود ها المادي بعدما أدركت  نهاية عالم المادة في أبحاثها.

دارت أيام الدنيا والآخرة على ماشاءت مشيئة الله في خلقه الأول أهل البيت عليهم السلام فكانوا هم أيام الله وهم كذلك أيام الشأن أيضا. سلام الله عليهم أجميعن.

فمن عرف الحسين عليه السلام عرف أصل الزمان في أزليتة الأزال فلا يكون العطف إلا بالإحسان تأمل هذا في مناجاة المفتقرين .

من عطفه الله على قديم الإحسان عرف إمام زمانه .

ومن لم يعطف جهل إمام زمانه فكان في العدم الظاهر كما لم يكن.

 

 

%d مدونون معجبون بهذه: