(…قال إن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ به الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون). تنبيـــــــــــــــــــــه في غاية الأهمية : موقع العرفان والانتظار مستقل عن أي مجمع أوهيئة أو فرقة أو جماعة أو مذهب أو طائفة أو مؤسسة أرضية .
نور اللآهوت الإلهي.
عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ عَنِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاظِمِ قَالَ:

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ نُورَ مُحَمَّدٍ مِنْ نُورٍ اخْتَرَعَهُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ ،وَهُوَ نُورُ لَاهُوتِيَّتِهِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْ لَاهٍ أَيْ مِنْ إِلَهِيَّتِهِ مِنْ أَيْنِيَّتِهِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ ،وَ تَجَلَّى لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بِهِ فِي طُورِ سَيْنَاءَ ،فَمَا اسْتَقَرَّ لَهُ وَلَا طَاقَ مُوسَى لِرُؤْيَتِهِ ،وَلَا ثَبَتَ لَهُ حَتَّى خَرَّ صَاعِقاً مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ،وَكَانَ ذَلِكَ النُّورُ مُحَمَّداً، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مُحَمَّداً مِنْهُ ،قَسَّمَ ذَلِكَ النُّورِ شَطْرَيْنِ ،فَخَلَقَ مِنَ الشَّطْرِ الْأَوَّلِ مُحَمَّداً ، وَمِنَ الشَّطْرِ الْآخَرِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يَخْلُقْ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ غَيْرَهُمَا ، خَلَقَهُمَا اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِمَا بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ، وَصَوَّرَهُمَا عَلَى صُورَتِهِمَا، وَجَعَلَهُمَا أُمَنَاءَ لَهُ وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ وَخُلَفَاءَ عَلَى خَلِيقَتِهِ ،وَعَيْناً لَهُ عَلَيْهِمْ ، وَلِسَاناً لَهُ إِلَيْهِمْ ، قَدِ اسْتَوْدَعَ فِيهِمَا عِلْمَهُ، وَعَلَّمَهُمَا الْبَيَانَ ، وَاسْتَطْلَعَهُمَا عَلَى غَيْبِهِ ،وَجَعَلَ أَحَدَهُمَا نَفْسَهُ وَالْآخَرَ رُوحَهُ ، لَا يَقُومُ وَاحِدٌ بِغَيْرِ صَاحِبِهِ ، ظَاهِرُهُمَا بَشَرِيَّةٌ وَبَاطِنُهُمَا لَاهُوتِيَّةٌ ، ظَهَرَا لِلْخَلْقِ عَلَى هَيَاكِلِ النَّاسُوتِيَّةِ حَتَّى يُطِيقُوا رُؤْيَتَهُمَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ،فَهُمَا مَقَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحِجَابُ خَالِقِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ،بِهِمَا فَتَحَ اللَّهُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَبِهِمَا يَخْتِمُ الْمُلْكَ وَالْمَقَادِيرَ.
ثُمَّ اقْتَبَسَ مِنْ نُورِ مُحَمَّدٍ وَفَاطِمَةَ ابْنَتَهُ كَمَا اقْتَبَسَ نُورَهُ مِنْ نُورِهِ ،وَاقْتَبَسَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَاقْتِبَاسِ الْمَصَابِيحِ هُمْ خُلِقُوا مِنَ الْأَنْوَارِ ،وَانْتَقَلُوا مِنْ ظَهْرٍ إِلَى ظَهْرٍ وَصُلْبٍ إِلَى صُلْبٍ وَمِنْ رَحِمٍ إِلَى رَحِمٍ فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ،بَلْ نَقْلًا بَعْدَ نَقْلِ، لَا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ وَلَا مِنْ نُطْفَةً خَثِرَةٍ كَسَائِرِ خَلْقِهِ، بَلْ أَنْوَارٌ انْتَقَلُوا مِنْ أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إِلَى أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ، لِأَنَّهُمْ صَفْوَةُ الصَّفْوَةِ ، اصْطَفَاهُمْ لِنَفْسِهِ ،وَجَعَلَهُمْ خُزَّانَ عِلْمِهِ ، وَبُلَغَاءَ عَنْهُ إِلَى خَلْقِهِ، أَقَامَهُمْ مَقَامَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَى وَلَا يُدْرَكُ وَلَا تُعْرَفُ كَيْفِيَّتُهُ وَلَا إِنِّيَّتُهُ، فَهَؤُلَاءِ النَّاطِقُونَ الْمُبَلِّغُونَ عَنْهُ، الْمُتَصَرِّفُونَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ،فِيهِمْ يَظْهَرُ قُدْرَتُهُ،وَمِنْهُمْ تُرَى آيَاتُهُ وَمُعْجِزَاتُهُ،وَبِهِمْ وَمِنْهُمْ عَرَفَ عِبَادُهُ نَفْسَهُ، وَبِهِمْ يُطَاعُ أَمْرُهُ، وَلَوْلَاهُمْ مَا عُرِفَ اللَّهُ وَلَا يُدْرَى كَيْفَ يُعْبَدُ الرَّحْمَنُ، فَاللَّهُ يَجْرِي أَمْرُهُ كَيْفَ شَاءَ فِيمَا يَشَاءُ، لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ،.
وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.