(…قال إن له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ به الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون). تنبيـــــــــــــــــــــه في غاية الأهمية : موقع العرفان والانتظار مستقل عن أي مجمع أوهيئة أو فرقة أو جماعة أو مذهب أو طائفة أو مؤسسة أرضية .
بمنزلة المشيئة من منشئها ، وذلك أن مولاك الأزل لم يزل مشيئا لا مشيء معه ، ومشيئا في مشيئته ، والمشيئة في فطرته ، والفطرة في علمه ، والعلم في قدرته، والقدرة في لطفه ، واللطف غير موجود إلا به ، يعلم ما يكون من الخلق قبل خلقهم ولا يحوجهم إلى من يدعوهم إليه ولا يجوز في الحكمة أن يدعوهم إلى غيره ، ولا يدلهم عليه سواه، وإن لم يكن في استطاعتهم أن يجدوه إلا من حيث أوجدهم نفوسهم ، إلا أن الخالق غير المخلوق ، ولا يجوز أن يكون بعضه ، ولو جاز أن يكون بعضه لاستوت القدرة بينهما فكان بدء الاسم من المعنى بمنزلة الحركة من السكون ، وذلك أن السكون بمنزلة الصمت ، والحركة بمنزلة النطق ، والأمروالنهي .
فقال للمشيئة:
كن باديا ظاهرا لأهل الظهور على ما تقدمت فيه الإرادة في بدء الخلق ، فلما ثبت تشخيص المشيئة قال للفطرة:
كن باديا ظاهرا لأهل الظهور ، فلما ثبت تشخيص الفطرة قال للعلم:
كن ظاهرا لأهل الظهور ، فلما ثبت تشخيص العلم قال للقدرة:
كن باديا ظاهرا لأهل الظهور، فلما ثبت تشخيص القدرة قامت الأربعة أشخاص بين يدي الهولانية ، جعل بإزاء كل شخص ظاهر حرفا ظاهرا ، والشخص الخفي حرف خفي ، تكلمت الكلمة وانشق فى القلم من مولاه وجرى تعبير اللفظ بالأربعة الأحرف الظاهرة فكان الله رب العالمين .فلما تمت هذه الصفات ووقع على الصفة انبجس المشيء من المشيئة وهو الميم فأبداه مولاك في القبة الهاشمية كما أبداه في البداية من البهمنية البيضاء التي لم يشبها كدر فكانت:
المشيئة بها:
محمد الحمد . والفطرة:
فاطر.والعلم:
الحسن .والقدرة:
الحسين .واللطف الخفي:
محسن .وهو محمد الحمد في الباطن، وهو الصفة التي ظهر بها مولاك ونطق منها .فمن هاهنا يقال:
إن مولاك ظهر باحتجاب، واحتجب في ظهور ، وقال لعارفيه:
* ظاهري إمامة ووصية وباطني غيب لا يدرك *
وظاهر اسمي نبوة ورسالة وباطنه الله النفس المحذرة والحجاب ، يريد بذلك أن ظاهر المعنى باطن اسمه ، وظاهر اسمه باطن بابه ، وهو السين لأنه أول من تبوأ معرفته ودعا بنفسه وسبحه بها ، فمن هاهنا تثبت الحجة لأوليائه على أعدائه إذ جعلوها متيقنة وأصل البدا منها للأشياء، والعارف إليها يعود ، والمعنى أبدى خلقه بأسماء وصفات وظهر لهم باسم وصفة كما أظهرهم ، وهذه صفة الكمال في بدء الخلق ، ونحن معاشر المؤمنين قد وصفنا ما عرفنا ، وعبدنا ما وجدنا ، وتحققنا فوحدنا ، فمن جهل موجودا مرئيا كان فاجرا ، والأولى أن يجهل ما لا يوجد ولا يرى ، لأن كل موجود معروف ، وكل معروف موصوف ، وكل معدوم مفقود ، وكل مفقود مجهول ، كما قال مولانا الحسن العسكري منه الرحمة:
فكل من لم تثبت له صفة يوشك أن لا يكون شيئا ؛ نسأل الله التوفيق .